للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الطُّولِ، ويَبْقَى الثَّوْبُ على ما أرَادَ، ولا يُمْكِنُ ذلك في العَرْضِ. وأمَّا إن جاءَ به ناقِصًا في الطُّولِ والعَرْضِ، أو في أحَدِهما، ففيه أيضًا وَجْهانِ؛ أحدهما، لا أجْرَ له، وعليه ضَمَانُ نَقْصِ الغَزْلِ؛ لأنَّه مُخالِفٌ لما أُمِرَ به، فأشْبَهَ ما لو اسْتَأْجَرَه على بِنَاءِ حائطٍ عَرْضَ ذِرَاعٍ، فبَنَاهُ عَرْضَ نِصْفِ ذِرَاعٍ. والثاني، له بحِصَّتِه من المُسَمَّى، كمن اسْتُؤْجِرَ على ضَرْبِ لَبِنٍ، فضَرَبَ بعضَه. ويَحْتَمِلُ أنَّه إنْ جاءَ به ناقِصًا في العَرْضِ، فلا شىءَ له، وإن كان ناقِصًا في الطُّولِ، فله بحِصَّتِه من المُسَمَّى؛ لما ذَكَرْنا من الفَرْقِ بين الطُّولِ والعَرْضِ. وإن جاءَ به زائِدًا في أحَدِهما، ناقِصًا في الآخَر، فلا أجْرَ له في الزّائِدِ، وهو في الناقِصِ على ما ذَكَرْنا من التَّفْصِيلِ فيه. وقال محمدُ بن الحَسَنِ في المَوْضِعَيْنِ: يُخَيَّرُ (١٤) صاحِبُ الثَّوْبِ بين دَفْعِ الثَّوْبِ إلى النَّسَّاجِ ومُطَالَبَتِه بثَمَنِ غَزْلِه، وبين أن يَأْخُذَه ويَدْفَعَ إليه المُسَمَّى في الزائِدِ، أو بحِصَّةِ المَنْسُوجِ في الناقِصِ؛ لأنَّ غرَضَه لم يَسْلَمْ له، لأنَّه يَنْتَفِعُ بالطَّوِيلِ ما لا يَنْتَفِعُ بالقَصِيرِ، ويَنْتَفِعُ بالقَصِيرِ ما لا يَنْتَفِعُ بالطَّوِيلِ، فكأنه أتْلَفَ عليه غَزْلَهُ. ولَنا، أنَّه وَجَدَ عَيْنَ مالِه، فلم يكُنْ له المُطَالَبةُ بعِوَضِه، كما لو جاءَ به زائِدًا في الطُّولِ وحدَه. فأمَّا إن أَثَّرَتِ الزِّيادَةُ أو النَّقْصُ في الأصْلِ، مثل أن يَأْمُرَه بِنَسْجِ عَشْرَة أَذْرُعٍ ليكُونَ الثَّوْبُ خَفِيفًا، فنَسَجَه خَمْسَةَ عَشَرَ، فصارَ صَفِيقًا، أو أمَرَه بنَسْجِه خَمْسَةَ عَشَرَ ليكونَ صَفِيقًا، فنَسَجَه عَشَرَةً، فصارَ خَفِيفًا، فلا أجْرَ له بحالٍ، وعليه ضَمَانُ نَقْصِ الغَزْلِ؛ لأنَّه لم يَأْتِ بشيءٍ ممَّا أُمِرَ به.

فصل: إذا دَفَعَ إلى خَيَّاطٍ ثَوْبًا، فقال: إن كان يُقْطَعُ قَمِيصًا فاقْطَعْهُ. فقال: هو يُقْطَعُ. وقَطَعَه، فلم يَكْفِ، فعليه ضَمَانُه. وإن قال: انْظُرْ هذا يَكْفِينِى قَميصًا؟ قال: نعم. قال: اقْطَعْه. فقَطَعَه، فلم يَكْفِه، لم يَضْمَنْ. وبهذا قال الشافِعِيُّ، وأصْحابُ الرَّأْى. وقال أبو ثَوْرٍ: لا ضَمَانَ عليه في المَسْأَلَتَيْنِ؛ لأنَّه لو كان غَرَّهُ في


(١٤) في الأصل: "يتخير".

<<  <  ج: ص:  >  >>