للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكُفْرِ؛ لأنَّ بَيِّنَةَ الإِسلامِ يَجُوزُ أَنْ تَسْتَنِدَ إلى ما كان عليه فى الأصْلِ.

فصل: وإِنْ خَلَّفَ ابْنًا مُسْلِمًا، وأَخًا كَافِرًا، فاخْتَلفَا فِى دِينِه حالَ مَوْتِه (٩)، فالحُكْمُ فيها كالتى قبلَها. وهكذا سائِرُ الأقَارِب، إلا أَنْ يُخَلِّفَ [أبَوَيْن وابْنَيْن] (١٠)، أو غيرَهما من الأَقَارِبِ، ويخْتَلِفُون فى دِينِه، فإِنَّ كَوْنَ الأبَوَيْن كافِرَيْن بمَنْزِلَة مَعْرفةِ أصْلِ دِينِه؛ لأنَّ الوَلَدَ قبلَ بُلُوغِه محْكُومٌ له بدِينِ أُبَوَيْه، فيثْبُتُ (١١) أنَّه كان كَافِرًا، وأنَّ الابْنَيْن يَدَّعِيان إسْلَامَه، فيكونُ القَوْلُ قَوْلَ الأبَوَيْن. وإِنْ كانا (١٢) مُسْلِمَين، فالقولُ قولُهما فى إسْلامِه؛ لأنَّ كُفْرَه يَنْبَنِى على أنَّه كان مُسْلِمًا فارْتَدَّ، أو أَنَّ (١٣) أُبويْه كانا كافِرَيْن، فأسْلَمَا بعد بُلُوغِه، والأصْلُ خِلافُه.

فصل: ولو مات مُسْلِمٌ، وخلَّفَ زَوْجَةً ووَرَثَةً سِواهَا، وكانتِ الزَّوْجَةُ كَافِرَةً، ثم أسْلَمَتْ، فادَّعَتْ أنَّها أسْلَمَتْ قبلَ مَوْتِه، فأنْكَرَها الوَرَثَةُ، فالقَوْلُ قولُ الوَرَثَةِ؛ لأنَّ الأَصْلَ عَدَمُ ذلك. وإِنْ لم يثْبُتْ أنَّها كافِرَةٌ، فادَّعَى عليها الوَرَثَةُ أنَّها كانت كَافِرَةً، فأنْكَرَتْهم، فالقَوْلُ قولُها؛ لأنَّ الأصْلَ عَدَمُ ما ادَّعُوه عليها. وإِنْ ادَّعُوا أنَّه طَلَّقَها قبلَ مَوْتِه، فأنْكَرَتْهم، فالقَوْلُ قولُها. وإن اعْتَرَفَتْ بالطَّلَاقِ، وانْقِضَاءِ العِدَّةِ، فادَّعَتْ أنَّه رَاجَعَها، فالقَوْلُ قَوْلُهم. وإن اخْتَلَفُوا فى انْقِضَاءِ عِدَّتِها، فالقَوْلُ قوْلُها، فى أنَّها لم تَنْقَضِ؛ لأنَّ الأصْلَ بقَاؤُها. ولا نَعْلَمُ فى هذا كُلِّه خِلَافًا. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ، وأصْحَابُ الرَّأْىِ، وأبو ثَوْرٍ. ولو خَلَّفَ وَلَدَيْن مُسْلِمَيْن، اتَّفَقَا على أن أحدَهما كان مُسْلِمًا حينَ موتِ أبيه، وادَّعَى الآخَرُ أنَّه أسْلَمَ فى حياةِ أبيه، وجَحَدَه أخُوه، فالمِيرَاثُ للمُتَّفَقِ عليه؛ لأنَّ الأصْلَ بَقاءُ الكُفْرِ إلى أَنْ يُعْلَمَ زَوَالُه، وعلى أخِيه اليَمينُ، وتكون على نَفْىِ العِلْمِ؛ لأنَّها على نَفْىِ فِعْلِ أخِيه، إِلَّا أَنْ يكون ثَبَتَ أنَّه كان مُسْلِمًا قبلَ القِسْمَةِ، فإِنَّ مَنْ أسْلَمَ على مِيرَاثٍ تبلَ أَنْ يُقْسَمَ، قُسِمَ له. وإِنْ كان أحَدُهما حُرًّا، والآخَرُ رَقِيقًا، ثم عَتَقَ، واخْتلفا


(٩) فى أ، م: "الموت".
(١٠) فى م: "أبوين كافرين وابنين مسلمين".
(١١) فى م: "فثبت".
(١٢) فى م: "كان".
(١٣) فى الأصل، أ، ب: "وأن".

<<  <  ج: ص:  >  >>