للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه مَوْقُوفًا على القَبْضِ، وله مُطالَبَتُه بنَصِيبِه، أو مُشارَكَةُ صاحِبِه فيما أخَذَ. فإنْ شارَكَهُما، أحذَ مهما ثُلُثَىْ مائةٍ، ورَجَعَ على العبدِ بتَمامِ المائةِ، ولا يَرْجِعُ المَأْخوذُ منه (١٦) على الآخَرِ شىءٍ؛ لأَنَّه إِنْ أخَذَ من العبدِ، فهو يقولُ: ظلمَنِى، وأخذَ مِنِّى مَرَّتَيْن. وإِنْ أخَذَ مِن الشَّاهِدَيْن، فهما يقولان: ظَلَمَنا، وأخذَ مِنَّا ما لا يَسْتَحِقُّه علينا. ولا يَرْجِعُ المَظْلومُ على غيرِ ظالِمِه. وإِنْ كانا غيرَ عَدْلَيْن، فكذلك، سَواءٌ قُلْنا: إِنَّ شَهادةَ العَدْلَيْن مَقْبولَةٌ. أو لا؛ لأَنَّ غيرَ العَدْلِ لا تُقْبَلُ شَهادتُه، وإنَّما يُؤاخَذُ بإقْرارِه. وإِنْ أَنْكَرَ الثَّالِثُ البَيْعَ، فنَصِيبُه باقٍ على الرِّقِّ، إذا حلَفَ، إِلَّا أَنْ يَشْهَدا عليه بالبَيْعِ، ويكُونا (١٧) عَدْلَيْنِ، فتُقْبَلُ شَهادتُهما؛ لأنَّهما لا يَجُرَّانِ إلى انفُسِهما بهذه الشَّهادةِ نَفْعًا.

فصل: وإذا كان العبدُ بينَ شَرِيكَيْنِ، فكاتَباهُ بمائةٍ، فادَّعَى دَفْعَها إليهما، وصَدَّقاه، عَتَقَ. فإنْ أنْكَرَ، أو لم تكُنْ بَيِّنَةٌ، فالقولُ قَولُهما معَ أيْمانِهِما. وإِنْ أقَرَّ أحدُهما، وأنْكَرَ الآخَرُ، عَتَقَ نَصِيبُ المُقِرِّ، وأمَّا المُنْكِرُ، فعلى قولِ الْخِرَقِىِّ، تُقْبَلُ شَهادةُ شَرِيكِه عليه، إذا كان عَدْلًا، فيَحْلِف العبدُ مع شهادَتِه، ويَصِيرُ حُرًّا، ويَرْجِعُ المُنْكِرُ على الشَّاهِدِ، فيُشاركُه فيما أخَذَه. وأمَّا القياسُ، فيَقْتَضِى أَنْ لا تُسْمَعَ شَهادةُ شَريكِه عليه؛ لأَنَّه يَدْفَعُ بشهادَتِه عن نَفْسِه مَغْرَمًا، والقَولُ قولُ سَيِّدِه (١٨) معِ يَمِينِه، فإذا حلَفَ، فله مُطالَبَةُ شَرِيكِه بنِصْفِ ما اعْتَرَفَ به، وهو خمسةٌ وعشرون؛ لأنَّ ما قَبَضَه كَسْبُ العبدِ، وهو مُشْتَرَكٌ بينَهما. فإنْ قيل: فالمُنْكِرُ يُنْكِرُ قَبْضَ شَرِيكِه، فكيف يَرْجِعُ عليه؟ قُلْنا: إنَّما يُنْكِرُ قَبْضَ نَفْسِه، وشريكُه مُقِرٌّ بالقَبْضِ، ويجوزُ أَنْ يكونَ قد قَبَضَ، فلم يَعْلَمْ به، وإذا أقَرَّ بمُتَصَوَّرٍ، لَزِمَه حكمُ إقْرارِه، ومِن حُكْمِه جَوازُ رُجوعِ شَرِيكِه عليه. فإنْ قيلَ: لو كان عليه دَيْنٌ لاثْنَيْنِ، فوَفَّى أحدَهما، لم يرْجِع الآخَرُ على شَرِيكِه، فلِمَ رَجَعَ (١٩) ههُنا؟ قُلْنا: إِنْ كان الدَّيْنُ ثابتًا بسَبَبٍ واحِدٍ، فما قَبَضَ أحدُهما منه، رَجَعَ (٢٠) الآخَرُ عليه به، كمَسْأَلَتِنا، وعلى أَنَّ هذا يُفارقُ الدَّيْنَ، لِكَوْنِ الدَّيْنِ


(١٦) فى الأصل، أ، ب زيادة: "منهم".
(١٧) فى أ، ب، م: "ويكونان".
(١٨) فى الأصل: "السيد".
(١٩) فى م: "يرجع".
(٢٠) فى م: "ورجع".

<<  <  ج: ص:  >  >>