للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِعَيْنِ المالِ أو في الذِّمَّةِ؛ لأنَّه اشْتَرَى له ما لم يُؤْذَنْ له في شِرَائِه، أشْبَهَ ما لو اشْتَراهُ في الذِّمَّةِ.

فصل: نَقَلَ الأَثْرَمُ عن أحمدَ، في رَجُلٍ كان له على آخَرَ دَرَاهِمُ، فقال له: إذا أمْكَنَكَ قَضَاؤُهَا فادْفَعْها إلى فُلَانٍ. وغَابَ صاحِبُ الحَقِّ، ولم يُوصِ إلى هذا الذي أَذِنَ له في القَبْضِ، لكن جَعَلَهُ وَكِيلًا، وتَمَكَّنَ مَن عليه الدَّيْنُ من القَضَاءِ، فَخافَ إن دَفَعَها إلى الوَكِيلِ أن يكونَ المُوَكِّلُ قد ماتَ، ويَخافُ التَّبِعَةَ من الوَرَثَةِ. فقال: لا يُعْجِبُنِى أن يَدْفَعَ إليه لعَلَّه قد ماتَ، لكن يَجْمَعُ بين الوَكِيلِ والوَرَثَةِ، ويَبْرَأُ إليهما من ذلك. هذا ذَكَرَهُ أحمدُ على طَرِيقِ النَّظَرِ لِلْغَرِيمِ، خَوْفًا من التَّبِعَةِ من الوَرَثَةِ إن كان مَوْرُوثُهُم قد ماتَ، فانْعَزَلَ وَكِيلُه وصَارَ الحَقُّ لهم، فيَرجِعُونَ على الدَّافِعِ إلى الوَكِيلِ. فأمَّا من طَرِيقِ الحُكْمِ، فَلِلْوَكِيلِ المُطَالَبَةُ، وللآخَرِ الدَّفْعُ إليه، فإنَّ أحمدَ قد نَصَّ في رِوَايةِ حَرْبٍ: إذا وَكَّلَه في الحَدِّ وغَابَ، اسْتَوْفَاهُ الوَكِيلُ. وهو أبْلَغُ من هذا؛ لكَوْنِه يُدْرَأُ بالشُّبُهاتِ، لكن هذا احْتِيَاطٌ حَسَنٌ، وَتَبْرِئَةٌ لِلْغَرِيمِ (٢٠) ظَاهِرًا وبَاطِنًا، وإزَالَةٌ لِلتَّبِعَةِ عنه. وفى هذه الرِّوَايَةِ دَلِيلٌ على أنَّ الوَكِيلَ انْعَزَلَ بمَوْتِ المُوَكِّلِ، وإن لم يَعْلَمْ بِمَوْتِه؛ لأنَّه اخْتَارَ أن لا يَدْفَعَ إلى الوَكِيلِ خَوْفًا مِن أن يكونَ المُوَكِّلُ قد ماتَ، فانْتَقَلَ إلى الوَرَثَةِ. ويجوزُ أن يكونَ اخْتَارَ هذا لئلَّا يكونَ القاضِى مِمَّن يَرَى أن الوَكِيلَ يَنْعَزِلُ بالمَوْتِ، فيَحْكُمُ عليه بانْعِزَالِه (٢١). وفيها دَلِيلٌ على جَوَازِ تَرَاخِى القَبُولِ عن الإِيجَابِ؛ لأنَّه وَكَّلَهُ في قَبْضِ (٢٢) الحَقِّ ولم يَعْلَمْهُ، ولم يكُنْ حاضِرًا فيَقْبَلُ. وفيها دَلِيلٌ على صِحَّةِ التَّوْكِيلِ بغيرِ لَفْظِ التَّوْكِيلِ. وقد نَقَلَ جعفرُ بن محمدٍ، في رَجُلٍ قال لِرَجُلٍ: بِعْ ثَوْبِى. ليس (٢٣) بشيءٍ (٢٤) حتى يقولَ: قد وَكَّلْتُكَ. وهذا سَهْوٌ من النَّاقِلِ. وقد تَقَدَّمَ


(٢٠) في ب: "الغريم".
(٢١) في أ، ب، م: "بالعزل به".
(٢٢) في الأصل: "بعض".
(٢٣) في الأصل: "وليس".
(٢٤) في أ، ب، م: "شيء".

<<  <  ج: ص:  >  >>