للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّمْرَةِ المحْلوفِ عليها، [إمَّا بأنْ] (٤) يَعْرِفَها بعَيْنِها أو بصِفَتِها، أو يأكُلَ التَّمْرَ كُلَّه، أو الجانِبَ الذى وَقَعَتْ فيه كُلَّه، فهذا يَحْنَثُ، بلا خِلافٍ بينَ أهلِ العلْمِ. وبه يقولُ الشَّافِعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وأصْحابُ الرَّأْىِ؛ لأَنَّه أكلَ التَّمْرَةَ المحْلوفَ عليها. الثانِى، أَنْ يَتَحَقَّقَ أنَّه لم يَأْكُلْها؛ إمَّا بأنْ لا يَأْكُلَ من التَّمْرِ شيئًا، أو أكَلَ شيئًا يعْلَمُ أنَّه غيرُها، فلا يَحْنَثُ أيضًا، بلا خِلافٍ، ولا يَلْزَمُه اجْتِنابُ زَوْجَتِه. الثالِثُ، أكلَ من التَّمْرِ شَيْئًا؛ إمَّا واحِدَةً، أو أكثرَ، إلى أَنْ لا يَبْقَى منه إِلَّا واحِدَةٌ، ولم يَدْرِ هل أَكَلَها أو (٥) لا؟ فهذه مَسْأَلَةُ الخِرَقِىِّ، ولا يَتَحَقَّقُ حِنْثُه؛ لأنَّ الباقِيَةَ يحْتَمِلُ أنَّها المحْلوفُ عليها، ويَقيِنُ النِّكاحِ ثابِتٌ، فلا يزُولُ بالشَّكِّ. وهذا قولُ الشافِعِىِّ، وأصْحابِ الرَّأْىِ. فعلَى هذا، يكونُ حُكْمُ الزَّوْجِيَّةِ باقيًا، فى لُزومِ نَفَقَتِها وكِسْوَتِها ومَسْكنِها، وسائِرِ أحْكامِها، إِلَّا الوَطْءَ؛ فإنَّ الخِرَقِىَّ قال: يُمْنَعُ وطْأَها؛ لأَنَّه شاكٌّ فى حِلِّها، فحَرُمَتْ عليه، كما لو اشْتَبَهَتِ (٦) امْرَأَتُه بأجْنَبيَّةٍ. وذكرَ أبو الخَطَّاب، أنَّها باقِيَةٌ على الحِلِّ. وهو مذهبُ الشافِعِىِّ؛ لأنَّ الأصْلَ الحِلُّ، فلا يزُولُ بالشَّكِّ، كسائِرِ أحكامِ النِّكاحِ، ولأَنَّ النِّكاحَ باقٍ حُكْمًا، فأثْبَتَ الحِلَّ، كما لو شَكَّ هل طلّقَ أم (٥) لا؟ وإن كانت يَمِينُه لَيَأْكُلَنَّ هذه التَّمْرةَ، فلا يتَحَقَّقُ بِرُّه حتى يتحقَّقَ أنَّه أكَلَها.

١٨٥٠ - مسألة؛ قال: (وَإِنْ (١) حَلَفَ أَنْ يَضْرِبَهُ عَشْرَةَ أسْوَاطٍ، فجَمَعَها، فَضَرَبَهُ بِهَا ضَرْبَةً وَاحِدةً، لَمْ يَبَرَّ فِى يَمينِهِ)

وبهذا قال [مالِكٌ، و] (٢) أصحابُ الرَّأْىِ. وقال ابنُ حامِدٍ: يَبَرُّ [فى يَمِينِه] (٣)؛ لأنَّ أحمدَ قال، فى المريضِ عليه الحَدُّ: يُضْرَبُ بعِثْكالِ (٤) النَّخْلِ، ويَسْقُطُ عنه الحدُّ. وبهذا قال


(٤) فى م: "فإما".
(٥) فى م: "أم".
(٦) فى ب، م: "عليه".
(١) فى أ، ب، م: "ولو".
(٢) سقط من: الأصل.
(٣) سقط من: أ، ب، م.
(٤) العثكال: العذق أو الشمراخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>