للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدُهما، يَلْغُو الاستثناءُ، ويَقعُ ثلاثٌ؛ لأنَّ العطفَ يُوجِبُ اشتراكَ المَعْطوفِ مع المعطوفِ عليه، فيصير مُستثنِيًا لثلاثٍ من ثلاثٍ. وهذا وَجْهٌ لأصحابِ الشَّافعىِّ، وقولُ أبى حنيفةَ. والثَّانى، يَصِحُّ الاستثناءُ فى طَلْقةٍ؛ لأنَّ الاستثناءَ الأقلَّ جائزٌ، وإنَّما لا يَصِحُّ استثناءُ الثَّانيةِ والثَّالثةِ، فَيَلْغُو وحدَه. وقال أبو يوسفَ ومحمدٌ: يَصِحُّ استثناءُ اثنتينِ، ويَلْغُو فى الثَّالثةِ؛ بِناءً على أصلِهم فى أَنَّ استثناءَ الأكْثرِ جائزٌ. وهو الوجهُ الثَّانى لأصْحابِ الشّافعىِّ. وإن قال: أنتِ طالقٌ طَلْقتينِ إلَّا طلقةً وطلقةً. ففيه الوَجْهانِ. وإن قال: أنتِ طالقٌ ثلاثًا إِلَّا طلقةً ونِصْفًا (١٧). احْتمَلَ وَجْهينِ أيضًا؛ أحدُهما، يَلْغُو الاستثناءُ؛ لأنَّ النِّصْفَ يُكَمَّلُ، فيَكونُ مُسْتثنِيًا للأكثرِ، فيَلْغُو. والثَّانى، يَصحُّ فى طَلْقةٍ، فتقَعُ طلقتانِ؛ لما ذكَرْنا فى التى قبلَها. فإن قال: أنتِ طالقٌ ثلاثًا إلَّا واحدةً وإلَّا واحدةً. كان عاطفًا الاسْتِثْناءَ على اسْتِثْناءٍ، فيَصِحُّ الأوّلُ، ويلْغُو الثانى؛ لأنَّنا لو صحَّحْناه لَكان مُسْتثنِيًا للأكثرِ، فيقَعُ به طَلْقتانِ، ويَجىءُ على قولِ مَن أجازَ استثناءَ الأكثرِ أن يَصِحَّ فيهما، فتَقَعُ طلقةٌ واحدةٌ. وإن قال: أنتِ طالقٌ ثلاثًا إلَّا واحدةً، إلَّا واحدةً. كان مُسْتثْنِيًا مِنَ الواحدةِ المُسْتَثْنَاةِ واحدةً، فيَحْتَمِلُ أن يلْغُوَ الاستثناءُ الثَّانى، ويَصحَّ الأوَّلُ، فيَقعَ به طَلْقتانِ. ويَحْتمِلُ أن (١٨) يقعَ به الثَّلاثُ؛ لأنَّ الاستثناءَ الثّانى معناه إثباتُ طَلْقةٍ فى حقِّها، لكَوْنِ الاستثناءِ مِنَ النَّفْى إثباتًا، فيُقْبَلَ ذلك فى إيقاعِ طَلاقِه، وإن لم يُقبَلْ فى نَفْيِه، كما لو قال: أنتِ طالقٌ طَلْقتينِ ونِصْفًا. وقع به ثلاثٌ. ولو قال: أنتِ طالقٌ ثلاثًا إلَّا نصفَ طَلْقةٍ. وقعَ به ثَلاثٌ، فكُمِّلَ النِّصفُ فى الإِثباتِ، ولم يُكَمَّلْ فى النَّفىِ.

فصل: ويَصِحُّ الاستثناءُ من الاستثْناءِ. ولا يَصِحُّ منه فى الطَّلاق إلَّا مسألةٌ واحدةٌ، على اخْتلافٍ فيها، وهى قولُه: أنتِ طالقٌ ثلاثًا إلَّا اثنتَيْنِ إلَّا واحدةَ. فإنَّه يَصِحُّ إذا أجَزْنا


(١٧) فى النسخ: "ونصف".
(١٨) فى الأصل زيادة: "لا".

<<  <  ج: ص:  >  >>