للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَاسْتَغَلَّه ما شَاءَ اللهُ، ثم وَجَدَ به عَيْبًا فرَدَّه، فقال: يَا رَسُولَ اللهِ إنَّه اسْتَغَلَّ غُلَامِى، فقال رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الخَرَاجُ بالضَّمَانِ". ورَوَاه (٩) أبو داودَ والشَّافِعِىُّ (١٠)، ورواهُ سَعِيدٌ فى "سُنَنِه" عن مُسْلِمٍ، بهذا الإسنادِ، وقال فيه (١١): "الْغَلَّةُ بِالضَّمَانِ" (١٢). وبهذا قال أبو حنيفةَ، ومالِكٌ، والشَّافِعِىُّ، ولا نَعْلَمُ عن غيرِهم خِلافَهُم. والنَّوْعُ الثَّانى، أنْ تَكُونَ الزِّيادَةُ مِن عَيْنِ المَبِيعِ، كالوَلَدِ، والثَّمَرَةِ، واللَّبَنِ، فهى لِلْمُشْتَرِى أيضًا، ويَرُدُّ الأصْلَ دُونَها. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ. وقال مالِكٌ: إنْ كان النَّماءُ ثَمَرَةً لم يَرُدَّهَا، وإنْ كان وَلَدًا رَدَّهُ معها؛ لأنَّ الرَّدَّ حُكْمٌ، فسَرَى إلى الوَلَدِ (١٣) كالكِتابَةِ. وقال أبو حنيفةَ: النَّماءُ الحادِثُ فى يَدِ المُشْتَرِى يَمْنَعُ الرَّدَّ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ رَدُّ الأصلِ بُدونِه، لأنَّه مِن مُوجِبِه، فلا يُرْفَعُ العَقْدُ مع بقاءِ مُوجِبِه، ولا يُمْكِنُ رَدُّه معه؛ لأنَّه لم يَتَناوَلْه العَقْدُ. ولنا، أنَّه حادِثٌ فى مِلْكِ المُشْتَرِى، فلم يَمْنَع الرَّدَّ، كما لو كان فى يَدِ البائِعِ، وكالكَسْبِ. ولأنَّه نَماءٌ مُنْفَصِلٌ، فجَازَ رَدُّ الأصلِ بُدونِه، كالكَسْبِ والثَّمرَةِ عندَ مالِكٍ. وقولُهم: إنَّ النَّماءَ مُوجِبِ العَقْدِ. غيرُ صَحِيحٍ، إنَّما مُوجبُه المِلْكُ، ولو كان مُوجِبًا لِلْعَقْدِ لعادَ إلى البائِعِ بالفَسْخِ. وقولُ مالِكٍ لا يَصِحُّ؛ لأَنَّ الوَلَدَ ليس بمَبِيعٍ، فلا يُمْكِنُ رَدُّه بحُكْمِ رَدِّ الأُمِّ. ويَبْطُلُ ما ذَكَرَه بِنَقْلِ المِلْكِ بالهِبَةِ، والبَيْعِ، وغيرِهما، فإنَّه لا يَسْرِى إلى الوَلَدِ بِوُجُودِه فى الأُمِّ، وإنْ كان قد نَقَصَ، فهذا نَذْكُرُ حُكْمَه، إنْ شاء اللَّه تعالى.

الفصلُ الرّابع، إنْ كان المَبِيعُ جَارِيَةً ثَيِّبًا فَوطِئَها المُشْتَرِى قبلَ عِلْمِه بالعَيْبِ،


(٩) فى م: "رواه".
(١٠) انظر: ترتيب مسند الشافعى ٢/ ١٤٤، فى الباب الأول فيما نهى عنه من البيوع وأحكام أخر، من كتاب البيوع.
(١١) سقط من: الأصل.
(١٢) وأخرجه الإمام أحمد بهذا اللفظ، فى: المسند ٦/ ٨٠، ١١٦، ١٦١.
(١٣) فى م: "ولدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>