للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو الْبَيْنُونَةُ. ولَنا، أنَّه طلاقٌ صادَفَ مدخولًا بها، مِن غيرِ استيفاءِ عَدَدٍ ولا عِوَضٍ، فكان رَجْعِيًّا، كقوله: أنتِ طالقٌ. وما ذكَرُوه لا يَصِحُّ؛ لأنَّ الطّلاقَ حُكْمٌ، فإذا ثَبَتَ ثَبَتَ فى الدُّنيا كُلِّها، فلا يَقْتضِى ذلك زيادةً. وإِنْ قال: أنتِ طالقٌ أشدَّ الطَّلاقِ، أو أغْلَظَه (٤)، أو أطْوَلَ الطّلاقِ، أو أعْرَضَه، أو أقْصَرَه، أو مِثْلَ الْجَبَلِ، أو مِثْلَ عِظَمِ الجبِل. ولا نِيَّةَ له، وقَعتْ طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ. وبهذا قال الشَّافعىُّ. وقال أبو حنيفةَ، فى جميعِها: يَقَعُ بائنًا. وقال صاحباه: إنْ قال: مثلَ الجَبَلِ. كانت رَجْعِيَّةً. وإِنْ قال: مثلَ عِظَمِ الجبلِ. كانت بائنًا. ووَجْهُ القَوْلَيْنِ ما تَقَدَّم، ولأنَّه لا يَمْلِكُ إيقاعَ البَيْنُونَةِ، فإنَّها حُكْمٌ، وليس ذلك إليه، وإنَّما نُثْبِتُ البينونةَ بأسبابٍ مُعَيَّنَة كالخُلْعِ، والطَّلاقِ الثّلاثِ، والطَّلاق قَبْلَ الدُّخولِ، فيَمْلِكُ مُباشَرَةَ سَبَبِها فَيَثْبُتُ. وإِنْ أراد إثْباتَها بدونِ ذلك لم يَثْبُتْ. ويَحْتَمِلُ أَنْ يكونَ أشدَّ الطّلاقِ عليه أو عليها، وأغْلَظَ، لتَعَجُّلِها (٥)، أو لحُبِّ أحَدِهَما صاحِبَه ومَشَقَّةِ فراقِه عليه، فلم يَقَعْ أمرٌ زائدٌ بالشَّكِّ. وإِنْ قال: أنتِ طالقٌ أقْصَى الطَّلاقِ، أو أكْبَرَه (٦). فكذلك فى قياسِ المذهبِ. ويَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أقْصَى الطَّلاقِ ثلاثًا؛ لأنَّ أقْصاه آخِرُه، وآخِرُ الطَّلاقِ الثَّالثةُ، ومِن ضَرُورةِ كَوْنِها ثالثةً وُقوعُ اثنتَيْنِ. وإِنْ قال: أتمَّ الطَّلاقِ، أو أكْمَلَه. فواحدةٌ إلَّا أنَّها تَكونُ سُنِّيَّةً؛ لأنَّها أكمَلُ الطَّلاقِ وأتَمُّه.

فصل: وإِنْ قال: أنتِ طالقٌ أكْثَرَ الطَّلاقِ، أو كُلَّه، أو جميعَه، أو مُنْتهاه، أو مِثْلَ عَدَدِ الحَصَى، أو الرَّمْلِ، أو القَطر. طَلُقَتْ ثَلاثًا؛ لأنَّ هذا يَقْتضِى عددًا، ولأنَّ للطَّلاقِ (٧) أقلَّ وأكثرَ، فأقلُّه واحدةٌ، وأكثرُه ثلاثٌ. وإِنْ قال: كعددِ التُّرابِ، أو الماءِ. وقَعَ ثلاثٌ. وقال أبو حنيفةَ: يقَعُ واحدةٌ بائِنٌ (٨)؛ لأنَّ الماءَ والتَّرابَ من أسماءِ


(٤) فى الأصل، م: "وأغلظه".
(٥) فى م: "لتعجلهما".
(٦) فى أ: "أكثره".
(٧) فى الأصل، ب، م: "الطلاق".
(٨) فى م: "بائنا".

<<  <  ج: ص:  >  >>