للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يَصِحُّ؛ فإن انْدِفَاعَ الضَّرَرِ عنه بِطرَيقٍ آخَرَ لا يَمْنَعُه من أَخذِ حَقِّه من العَيْنِ، ولو كان مُسْتَحِقًّا لِلزِّيَادَةِ لم يَسْقُطْ حَقُّه منها بالقُدْرَةِ على أخْذِ القِيمَةِ، كمُشْتَرِى المَعِيبِ. ثم كان يَنْبَغِى أن يَأْخُذَ قِيمَةَ العَيْنِ زَائِدَةً؛ لِكَوْنِ الزِّيَادَةِ مُسْتَحَقَّةً له (١٤)، فلمَّا لم يَكُنْ كذلك، عُلِمَ أنَّ المانِعَ من الرُّجُوعِ كَوْنُ الزِّيَادَةِ لِلْمَرْأَةِ، وأنَّه لا يُمْكِنُ فَصْلُها، كذلك هاهُنا، بل أوْلَى؛ فإنَّ الزِّيَادَةَ يَتَعَلَّقُ بها حَقُّ المُفْلِسِ والغُرَمَاءِ، فمَنْعُ المُشْتَرِى من أخْذِ زِيَادَةٍ لَيْسَتْ له، أَوْلَى من تَفْوِيتِهَا على الغُرَمَاءِ الذين لم يَصِلُوا إلى تَمَامِ دُيُونِهم، والمُفْلِسِ المُحْتَاجِ إلى تَبْرِئَةِ ذِمَّتِه عندَ اشْتِدَادِ حَاجَتِه (١٥).

فصل: وأما الخَبرُ فمَحْمُولٌ على مَن وَجَدَ مَتَاعَهُ على صِفَتِه، ليس بِزَائِدٍ، ولم يَتَعَلَّقْ به حَقٌّ آخَرُ، وهاهُنا قد تَعَلَّقَتْ به حُقُوقُ الغُرَمَاءِ، لما فيه من الزِّيَادَةِ، لما ذَكَرْنَا من الدَّلِيلِ، يُحَقِّقُه أنَّه إذا كان تَلَفُ بعضِ المَبِيعِ مَانِعًا من الرُّجُوعِ من غيرِ ضَرَرٍ يَلْحَقُ بالمُفْلِسِ، ولا بالغُرَمَاءِ، فلَأنْ يَمْنَعَ الزِّيَادَةَ فيه مع تَفْوِيتِها بالرُّجُوعِ عليهم أَوْلَى، ولأنَّه إذا رَجَعَ فى النَّاقِصِ، فما رَجَعَ إلَّا فيما بَاعَهُ وخَرَجَ منه، وإذا رَجَعَ فى الزَّائِدِ، أخَذَ ما لم يَبِعْهُ، واسْتَرْجَعَ ما لم يَخْرُجْ عنه، فكان بالمَنْعِ أحَقَّ.

فصل: فأمَّا الزِّيَادَةُ المُنْفَصِلَةُ، كالوَلَدِ والثَّمرَةِ والكَسْبِ، فلا تَمْنَعُ الرُّجُوعَ. بغير خِلَافٍ بين أَصْحَابِنَا، وهو قولُ مَالِكٍ، والشَّافِعِىِّ. وسواءٌ نَقَصَ بها المَبِيعُ أو لم يَنْقُصْ، إذا كان نَقْصَ صِفَةٍ، والزِّيَادَةُ لِلْمُفْلِسِ. هذا ظَاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ؛ لأنَّه مَنَعَ الرُّجُوعَ بالزِّيَادَةِ المُتَّصِلَةِ، لِكَوْنِها لِلْمُفْلِسِ، فالمُنْفَصِلَةُ أَوْلَى. وهذا قولُ ابنِ حَامِدٍ والقاضى، ومذهبُ الشَّافِعِىِّ، وهو الصَّحِيحُ إن شاءَ اللهُ تعالى. وقال أبو بكرٍ: الزِّيَادَةُ لِلْبَائِعِ. وهو مذهبُ مَالِكٍ. ونقَلَ حَنْبَلٌ عن أحمدَ، فى وَلَدِ الجَارِيَةِ، ونِتَاجِ الدَّابَّةِ: هو للبَائِعِ؛ لأنَّها زِيَادَةٌ، فكانت لِلْبَائِعِ كالمُتَّصِلَةِ. ولَنا، أنَّها زِيَادَةٌ انْفَصَلَتْ فى مِلْكِ المُشْتَرِى، فكانتْ له، كما لو رَدَّهُ بِعَيْبٍ، ولأنَّه


(١٤) سقط من: م.
(١٥) فى م زيادة: "فصل".

<<  <  ج: ص:  >  >>