للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَخافَةُ رَبِّى والحَياءُ يَكُفُّنِى ... وأُكْرِمُ بَعْلى أَنْ تُنالَ مَراكِبُهْ

فسألَ عمرُ نِساءً: كم تَصْبِرُ المَرْأَةُ عن الزَّوْجِ؟ فَقُلْنَ: شَهْرَيْنِ، وفى الثَّالثِ يَقِلُّ الصَّبْرُ، وفى الرَّابِع ينْفَدُ الصَّبْرُ. فكتَبَ إلى أُمَراءِ الأجْنادِ، أَنْ لا تَحْبِسُوا رَجُلًا عن امْرَأَتِه أَكْثَرَ مِنْ أرْبَعَةِ أَشْهُرٍ.

فصل: وإذا عَلَّقَ الإِيلاءَ بِشَرْطٍ مُسْتَحيلٍ، كقولِه: واللَّهِ لا وَطِئْتُكِ حَتَّى تَصْعَدِى السَّماءَ، أو تَقْلِبى الحَجَرَ ذَهَبًا، أو يَشِيبَ الغُرابُ. فهو مُولٍ؛ لأنَّ معنى ذلك تَرْكُ وَطْئِها؛ فإنَّ ما يُرادُ إِحالَةُ وُجُودِه يُعَلَّقُ على المُسْتَحِيلاتِ. قال اللَّهُ تعالى فى الكُفَّارِ: {وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِى سَمِّ الْخِيَاطِ} (٢٥). ومَعْناه لا يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ أبَدًا. وقال بعضهم (٢٦):

إذا شابَ الغُرابُ أتَيْتُ أَهْلى ... وصارَ القارُ كاللَّبَنِ الحَلِيبِ

وإِنْ قال: واللَّهِ لا وَطِئْتُكِ حتى تَحْبَلِى. فهو مُولٍ؛ لِأَنَّ حَبَلَها بغيرِ وَطْءٍ مُسْتَحِيلٌ عادَةً، فهو كصُعُودِ السَّماءِ. وقال القاضى، وأبو الخَطَّابِ، وأصْحابُ الشَّافِعِىِّ: ليس بِمُولٍ إِلَّا أَنْ تكونَ صَغِيرَةً يَغْلُبُ على الظَّنِّ أنَّها لا تَحْمِلُ فى أرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، أو آيِسَةً، فأمَّا إنْ كانتْ مِنْ ذواتِ الأقْراءِ، فلا يكونُ مُولِيًا؛ لأنَّه يُمْكِنُ حَمْلُها. قال القاضى: وإذا كانَتِ الصَّغِيرَةُ بِنْتَ تِسْعِ سِنِينَ (٢٧)، لم يكنْ مُولِيًا؛ لأنَّ حَمْلَها مُمْكِنٌ. ولَنا، أَنَّ الحَمْلَ بِدُونِ الوَطْءِ مُسْتَحِيلٌ عادَةً، فكانَ تَعْلِيقُ اليَمِينِ عليه إِيلاءً، كصُعُودِ السَّماءِ. ودليلُ اسْتِحالَتِه قَوْلُ مَرْيَمَ: {أَنَّى يَكُونُ لِى غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِى بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا} (٢٨). وقولُهم: {يَاأُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ


(٢٥) سورة الأعراف ٤٠.
(٢٦) تقدم فى: ١٠/ ٤٧٥.
(٢٧) سقط من: الأصل.
(٢٨) سورة مريم ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>