ثلاثًا حتى يَنْوِيَها، سواءٌ كانت فيه الألفُ واللَّامُ أو لم تَكُنْ؛ لأنَّ الألفَ واللَّامَ تَكونُ لغيرِ الاسْتِغْراقِ فى أكثرِ أسماءِ الأجْناسِ. وإن قال: أعْنِى به طلاقًا. فهو واحدةٌ؛ لأنَّه ذكَرَه مُنَكَّرًا، فيَكونُ طَلاقًا واحدًا. نصَّ عليه أحمدُ. وقال، فى روايةِ حَنْبَلٍ، إذا قال: أعْنِى طلاقًا. فهى واحدةٌ أو اثْنَتانِ، إذا لم تكُنْ فيه ألفٌ ولامٌ.
فصل: فإن قال: أنتِ علىَّ كظهرِ أُمِّىَ وَنوَى به الطَّلاقَ، لم يَكُنْ طلاقًا؛ لأنَّه صَرِيحٌ فى الظِّهارِ، فلم يَصلُحْ كنايةً فى الطَّلاقِ، كما لا يَكونُ الطَّلاقُ كنايةً فى الظِّهارِ، ولأنَّ الظِّهارَ تَشْبِيهٌ بِمَنْ هى مُحرَّمَةٌ على التَّأبيدِ، والطَّلاقُ يُفيدُ تحريمًا غيرَ مُؤَبَّدٍ، فلم تَصْلُحِ الكنايةُ بأحدِهما عَنِ الآخَرِ. ولو صرَّحَ به فقال: أعْنِى به الطَّلاقَ. لم يَصِرْ طلاقًا؛ لأنَّه لا يَصْلُحُ الكنايةُ به عنه.
فصل: وإن قال: أنتِ علىَّ كالمَيْتَةِ والدَّم. وَنوَى به الطَّلاقَ، كان طلاقًا؛ لأنَّه يَصْلُحُ أن يَكونَ كنايةً فيه، فإذا اقْتَرنَتْ به النيةُ وقعَ به الطَّلاقُ، ويَقَعُ به مِن عَدَدِ الطَّلاقِ ما نَوَاه، فإن لم يَنْوِ شيئًا وقعَتْ واحدةٌ؛ لأنَّه من الكناياتِ الْخَفِيَّةِ، وهذا حُكمُها. وإن نَوَى به الظِّهارَ، وهو أن يَقْصِدَ تحريمَها عليه مع بقاءِ نكاحِها، احْتَمَلَ أن يكونَ ظِهارًا، كما قُلْنا فى قوله: أنتِ علىَّ حرامٌ. واحْتَمَلَ أن لا يكونَ ظِهارًا، كما لو قال: أنتِ علىَّ كظَهْرِ البَهِيمَةِ، أو كظهرِ أُمِّى. وإن نَوَى اليمينَ، وهو أن يُريدَ بذلك تَرْكَ وطْئِها، لا تَحْرِيمَها، ولا طلاقَها، فهو يَمينٌ. وإن لم يَنْوِ شيئًا، لم يَكُنْ طَلاقًا؛ لأنَّه ليس بصَرِيحٍ فى الطَّلاق، ولا نَوَاهُ به. وهل يَكونُ ظِهارًا أو يَمينًا؟ على وَجْهينِ، أحدُهما، يكون ظِهارًا؛ لأنَّ مَعْناه أنتِ حرامٌ علىَّ كالميتةِ والدَّمِ، فإنَّ تشْبيهها بهما يَقْتضِى التَّشْبيهَ بهما فى الأمْرِ الذى اشْتَهَرَا به، وهو التَّحْريمُ، لقولِ اللَّهِ تعالى فيهما:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ}(٤٤). والثَّانى، يَكونُ يَمِينًا؛ لأنَّ الأصلَ بَراءةُ الذِّمَّةِ، فإذا أتَى بلفظٍ مُحْتَمِلٍ، ثَبَتَ به أقلُّ الحُكْمَيْنِ؛ لأنَّه اليقينُ، وما زادَ مشكوكٌ فيه، فلا نُثبِتُه