للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وُجِدَ عليها مَكْتُوبًا وَدِيعةً، لم يكُنْ حُجَّة عليهم، لجَوازِ أن يكون الظَّرْفُ (٦) كانت فيه وَدِيعةٌ قبلَ هذا، أو كان وَدِيعةً لمَوْرُوثِهِم عندَ غيرِه، أو كانت وَدِيعةً فابْتاعَها، وكذلك لو وَجَدَ فى زُرْمَانَجِ (٧) أبِيه، أنَّ لفلانٍ عندى وَدِيعة. لم يَلْزَمْه بذلك؛ لِجوازِ أن يكونَ قد رَدَّها وَنَسِىَ الضَّرْبَ على ما كَتَبَ، أو غيرِ ذلك.

١٠٧٢ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا طَالَبهُ بالْوَدِيعَةِ، فَقَالَ: مَا أَوْدَعْتَنِى. ثُمَّ قَالَ: ضَاعَتْ مِنْ حِرْزٍ، كَانَ ضَامِنًا؛ لِأنَّه خَرَجَ مِنْ حَالِ الْأَمَانَةِ. ولَوْ قَالَ: مالَكَ عِنْدِى شَىْءٌ. ثمَّ قَالَ: ضَاعَتْ مِنْ حِرْزٍ. كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ)

وجملةُ ذلك أنَّه إذا ادَّعَى على رَجُلٍ وَدِيعةً، فقال: ما أوْدَعْتَنِى. ثمَّ ثَبَتَ أنَّه أوْدَعه، فقال: أَوْدَعْتَنِى، وهَلَكتْ من حِرْزِى. لم يُقْبَلْ قولُه، ولَزِمَه ضَمانُها. وبهذا قال مالكٌ، والأوْزاعِىُّ، والشَّافعىُّ، وإسْحاقُ وأصْحابُ الرَّأْىِ؛ لأنَّه مُكَذَّبٌ لإِنْكارِه الأوَّلِ، ومُعْتَرِفٌ على نَفْسِه بالكَذِبِ المُنافِى للأمانةِ. وإن أقَرَّ بها (١) له بتَلَفِها من حِرْزِه قبلَ جَحْدِه، فلا ضَمانَ عليه. وإن أَقَرَّ أنَّها تَلِفَتْ بعدَ جُحُودِه، لم يَسْقُطْ عنه الضَّمانُ؛ لأنَّه خَرَجَ بالجُحودِ عن الأمانةِ، فصار ضامِنًا، كمَنْ طُولِبَ بالوَدِيعةِ فامْتَنعَ من رَدِّها. وإن أقَام بَيِّنَةً (٢) بتَلَفِها بعدَ الجُحُودِ، لم يَسْقُطْ عنه الضَّمانُ لذلك. وإن شَهِدَتْ بتَلَفِها قبل الجُحودِ من الحِرْزِ، فهل تُسْمَعُ بَيِّنَتُه؟ ففيه وجهان؛ أحدهما، لا تُسْمَعُ؛ لأنَّه مُكَذِّبٌ لها بإنْكارِه الإِيداعَ. والثانى، تُسْمَعُ بَيِّنَتُه (٣)؛ لأنَّ المُودَعَ لو اعْتَرفَ بذلك سَقَطَ حَقُّه، فتُسْمَعُ البَيِّنَةُ به، فإنْ شَهِدَتْ بالتَّلَفِ من الحِرْزِ، ولم تُعَيّنْ قبلَ الجُحُودِ ولا بعدَه، واحْتَملَ الأمْرَينِ، لم يَسْقُط الضَّمانُ؛ لأنَّ


(٦) فى م: "الظروف".
(٧) أصله الروزنامة، وهى مركبة من روز، أى يوم، ونامه، أى كتاب. الألفاظ الفارسية المعربة ٧٥. والمقصود الدفتر الذى يسجل فيه.
(١) سقط من: م.
(٢) فى م: "البينة".
(٣) فى أ، م: "بينته".

<<  <  ج: ص:  >  >>