للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بإسْنَادِهِ عن عَطاءِ بْنِ يَسَارٍ، عن النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنَّه قال: "لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ، إلَّا لِخَمْسَةٍ: لِغَازٍ فِي سَبِيلِ اللهِ، أوْ لِعَامِلٍ عَلَيْها، أوْ لِغَارِمٍ، أوْ رَجُلٍ ابْتَاعَها بمَالِه، أو لِرَجُلٍ كَانَ لَهُ جَارٌ مِسْكِينٌ، فَتَصَدَّقَ على المِسْكِين، فأهْدَى المِسْكِينُ إلى الغَنِيِّ". ورَوَاه (١٢) أيضًا عن عَطاءٍ، عن أبي سَعِيدٍ، عن النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

فصل: وإن اجْتَمَع في وَاحِدٍ أسْبابٌ تَقْتَضِي الأخْذَ بها، جازَ أن يُعْطَى بها، فالعامِلُ الفَقِيرُ له أن يأْخُذَ عِمَالَتَهُ، فإن لم تُغْنِه فله أن يَأخُذَ ما يُتِمُّ به غِنَاهُ، فإن كان غَازِيًا فله أخْذُ ما يَكْفِيه لِغَزْوِهِ، وإن كان غَارِمًا أخَذَ ما يَقْضِي به غُرْمَهُ؛ لأنَّ كُلَّ وَاحِدٍ من هذه الأسْبابِ يَثْبُتُ حُكمُه بانْفِرَادِه، فوُجُودُ غيرِه لا يَمْنَعُ ثُبُوتَ حُكْمِه، كما لم يَمْنَعْ وُجُودُهُ، وقد رُوِيَ عن أَحمدَ أنَّه قال: إذا كان له مائتانِ وعليه مِثْلُها، لا يُعْطَى من الزكاة؛ لأنَّ الغِنَى (١٣) خَمْسُونَ دِرْهَمًا. وهذا يَدُلُّ على أَنَّه يُعْتَبَرُ في الدَّفْعِ إلى الغَارِمِ أن يكونَ فَقِيرًا، فإذا أُعْطِيَ لأَجْلِ الغُرْمِ وَجَبَ صَرْفهُ إلى قَضاءِ الدَّيْنِ، وإن أُعْطِيَ لِلْفَقِيرِ جازَ أن يَقْضِيَ به دَيْنَهُ.

٤٢٨ - مسألة؛ قال: (ولا لِبَنِي هَاشِمٍ)

لا نَعْلَمُ خِلَافًا في أنَّ بني هاشِمٍ لا تَحِلُّ لهم الصَّدَقَةُ المَفْرُوضَةُ، وقد قال النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إنَّ الصَّدَقَةَ لا تَنْبَغي لِآلِ مُحَمَّدٍ، إنَّما هِيَ أوسَاخُ النَّاس". أخْرَجَه مُسْلِمٌ (١). وعن أبي هُرَيْرَةَ، قال: أخَذَ الحسَنُ تَمْرَةً مِن تَمْرِ الصَّدَقَةِ، فقال النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "كَخْ كَخْ". لِيَطْرَحَها، وقال: "أمَا شَعَرْتَ أَنَّا لَا نَأْكُلُ


(١٢) في الموضع السابق.
(١٣) في أ، م: "المغنى".
(١) في: باب ترك استعمال آل النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على الصدقة، من كتاب الزكاة. صحيح مسلم ٢/ ٧٥ - ٧٥٤.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في بيان مواضع قسم الخمس وسهم ذى القربى، من كتاب الإمارة. سنن =

<<  <  ج: ص:  >  >>