للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٨٢ - مسألة؛ قال: (وَمَنْ كَانَ فِى يَدِهِ ما يُخْرِجُ (١) صَدَقَةَ الفِطْرِ، وعَلَيْهِ دَيْنٌ مِثْلُه، لَزِمَهُ أن يُخْرِجَ، إلَّا أنْ يَكُونَ مُطَالَبًا بالدَّيْنِ، فَعَلَيْه قَضَاءُ الدَّيْنِ، ولَا زكَاةَ عَلَيْهِ)

إنَّما لم يَمْنَع الدَّيْنُ الفِطْرَةَ؛ لأنَّها آكَدُ وُجُوبًا، بِدَلِيلِ وُجُوبِها على الفَقِيرِ، وشُمُولِها لِكُلِّ مُسْلِمٍ قَدَرَ على إخْرَاجِها، ووُجُوبِ تَحَمُّلِها عَمَّنْ وَجَبَتْ نَفَقَتُه على غَيْرِه، ولا تَتَعَلَّقُ بِقَدْرٍ من المالِ، فجَرَتْ مَجْرَى النَّفَقَةِ، ولأنَّ زَكَاةَ المالِ تَجِبُ بالمِلْكِ، والدَّيْنُ يُؤَثِّرُ فى المِلْكِ، فأثَّرَ فيها، وهذه تَجِبُ على البَدَنِ، والدَّيْنُ لا يُؤَثِّرُ فيه، وتَسْقُطُ الفِطْرَةُ عندَ المُطَالَبَةِ بالدَّيْنِ، لِوُجُوبِ أدَائِه عندَ المُطَالَبَةِ، وتَأكُّدِه بكَوْنِه حَقَّ آدَمِىٍّ مُعَيَّنٍ لا يَسْقُطُ بالإعْسارِ، وكَوْنُه أسْبَقَ سَبَبًا وأقْدَمَ وُجُوبًا يَأْثَمُ بِتَأْخِيرِه، فإنَّه يُسْقِطُ غيرَ الفِطْرَةِ، وإنْ لم يُطَالَبْ به (٢)؛ لأنَّ تَأثِيرَ المُطالَبَةِ إنَّما هو فى (٣) إلْزَامِ الأدَاءِ، وتحْرِيمِ التَّأْخِيرِ.

فصل: وإن ماتَ مَنْ وَجَبَتْ عليه الفِطْرَةُ قبلَ أدائِها، أُخْرِجَتْ من مالِه (٤) فإن كان عليه دَيْنٌ، وله مَالٌ يَفِى بهما، قُضِيَا جميعًا، وإن لم يَفِ بهما، قُسِّمَ بين الدَّيْنِ والصَّدَقَةِ بالحِصَصِ. نَصَّ عليه أحمدُ فى زَكَاةِ المالِ، أنَّ التَّرِكَةَ تُقْسَمُ بينهما، كذا هاهُنا. فإن كان عليه زَكَاةُ مالٍ، وصَدَقَةُ الفِطْرِ (٥)، ودَيْنٌ، فزَكَاةُ الفِطْرِ والمالِ كالشىءِ الواحِدِ، لاتِّحَادِ مَصْرِفِهِما، فيحَاصَّانِ الدَّيْنَ، وأصْلُ هذا أنَّ حَقَّ اللهِ سُبْحَانَه، وحَقَّ الآدَمِىِّ، إذا تَعَلَّقَا بمَحَلٍّ وَاحِدٍ، فكانَا فى الذِّمَّةِ، أو كانَا فى العَيْنِ، تَسَاوَيَا فى الاسْتِيفَاءِ.


(١) فى م: "يخرجه عن".
(٢) سقط من: الأصل، أ، ب.
(٣) سقط من: م.
(٤) فى م: "تركته".
(٥) فى م: "فطر".

<<  <  ج: ص:  >  >>