للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأُمِّىُّ قَارِئًا وَاحِدًا، لم تَصِحَّ صَلَاةُ وَاحِدٍ منهما؛ لأنَّ الأُمِّىَّ نَوَى الإِمَامَةَ وقد صَارَ فَذًّا.

فصل: وإنْ صَلَّى القَارِيءُ خَلْفَ مَنْ لا يَعْلَمُ حَالَهُ في صَلَاةِ الإِسْرَارِ، صَحَّتْ صَلَاتُه؛ لأنَّ الظَّاهِرَ أنَّه لا يَتَقَدَّمُ إلَّا مَن يُحْسِنُ القِرَاءَةَ، ولم يتخَرَّمِ الظَّاهِرُ، فإنَّه أَسَرَّ في مَوْضِعِ الإِسْرارِ، وإن كان يُسِرُّ في صَلاةِ الجَهْرِ، ففيه وَجْهانِ: أحَدُهُما، لا تَصِحُّ صلاةُ القَارِىء. ذَكَرَه القاضي؛ لأن الظَّاهِرَ أنَّه لو أحْسَنَ القِرَاءَةَ لَجَهَرَ. والثانى، تَصِحُّ؛ لأنَّ الظَّاهِرَ أنَّه لا يَؤُمُّ النَّاسَ إلَّا مَنْ يُحْسِنُ القِرَاءةَ، وإسْرَارُه يَحْتَمِلُ أن يَكُونَ نِسْيانًا، أو لِجَهْلِه، أو لأنَّه لا يُحْسِنُ أكْثَرَ من الفَاتحةِ، فلا تَبْطُلُ الصلَاةُ بالاحْتِمالِ. فإن قال: قد قَرَأْتُ في الإِسْرارِ. صَحَّت الصَّلاةُ على الوَجْهَيْنِ؛ لأنَّ الظَّاهِرَ صِدْقُه. ويُسْتَحَبُّ الإِعادةُ احْتِرَازًا من أن يكونَ كاذِبًا، ولو أسَرَّ في صَلاةِ الإِسْرارِ، ثم قال: ما كنتُ قَرَأْتُ الفاتحةَ. لَزِمَهُ ومَن وَرَاءَهُ الإِعادةُ، وقد رُوِىَ عن عمرَ، رَضِىَ اللهُ عنه، أنَّه صَلَّى بهم المَغْرِبَ، فلما سَلَّمَ قال: أما سَمِعْتُمُونِى قَرأْتُ؟ قالوا: لا. قال: فما قَرَأْتُ في نَفْسِى. فأعادَ بهم الصَّلَاةَ.

فصل: ومن تَرَكَ حَرْفًا من حُرُوفِ الفاتحةِ؛ لِعَجْزِه عنه، أو أبْدَلَهُ (٥) بغَيرِه، كالألْثَغِ الذي يَجْعَلُ الرَّاءَ غَيْنًا، والأَرَتِّ الذي يُدْغِمُ حَرْفًا في حَرْفٍ، أو يَلْحَنُ لَحْنًا يُحِيلُ المَعْنَى، كالذى يَكْسِرُ الكافَ من إيَّاكَ، أو يَضُمُّ التَّاءَ من أَنْعَمْتَ، ولا يَقْدِرُ على إصْلَاحِه، فهو كالأُمِّىِّ، لا يَصِحُّ أن يَأْتَمَّ به قارِىءٌ. ويَجُوزُ لِكُلِّ واحِدٍ منهم أن يَؤُمَّ مِثْلَه؛ لأنهما أُمِّيَّانِ، فجَازَ لأحَدِهما الائْتِمامُ بالآخَرِ، كاللَّذَيْنِ لا يُحْسِنانِ شَيْئًا. وإن كان يَقْدِرُ على إصْلَاحِ شيءٍ من ذلك فلم يَفْعَلْ، لم تَصِحَّ صَلَاتُه، ولا صَلَاةُ من يَأْتَمُّ به.


(٥) في الأصل: "إبداله".

<<  <  ج: ص:  >  >>