للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإن قَطَعَ مُسْلِمٌ يَدَ نَصْرَانِيٍّ فتَمَجَّسَ، وقُلْنا: لا يُقَرُّ. فهو كما لو (٢٢) جَنَى على مُسلمٍ فارْتَدَّ. وإن قُلْنا: يُقَرُّ عليه. وَجَبَتْ دِيَةُ مَجُوسِيٍّ. وإن قَطَعَ يَدَ مَجُوسِيٍّ، فتَنَصَّرَ، ثم مات، وقُلْنا: . يُقَرُّ. وَجَبَتْ دِيَةُ نَصْرَانِيٍّ. ويجىءُ على قولِ أبي بكرٍ والقاضِي، أنْ تجبَ دِيَةُ نَصْرَانِيٍّ في الأُولَى، وديةُ مَجُوسِيٍّ في الثانيةِ، كقولهم في من جَنَى على عَبْدٍ ذِمِّيٍّ فأسْلَمَ وعَتَقَ، ثم مات من الجِنايةِ، ضَمِنَه بقيمةِ عَبْدٍ ذِمِّيٍّ، اعتبارًا بحالِ الجِنَايةِ.

فصل: وإن قَطَعَ يدَ مُسْلمٍ فارْتَدَّ، ثم أسْلَمَ ومات، وَجَبَ القِصاصُ على قاتِلِه. نَصَّ عليه أحمدُ، رحمه اللَّه، في روايةِ محمدِ بن الحَكَمِ. وقال القاضي: يتَوَجَّهُ عندِي أنَّه إن كان زَمَنُ الرِّدَّةِ تَسْرِي في مثلِه الجِنايةُ، لم يجبِ القِصاصُ في النَّفْسِ. وهل يجبُ في الطَّرَفِ الذي قُطِعَ في إسْلامِه؟ على وَجْهَيْن. وهذا مذهبُ الشافعيِّ؛ لأنَّ القِصاصَ يجبُ بالجِنايةِ والسِّرايةِ كلِّها، فإذا لم يُوجَدْ جَمِيعُها في الإِسلامِ، لم يجبِ القِصاصُ، كما لو جَرَحَه جُرْحَيْنِ، أحدهما في الإِسلام، والآخر في الرِّدَّةِ، فمات منهما. ولَنا، أنَّه مُسْلِمٌ حالَ الجِنايةِ والموتِ، فوَجَبَ القِصاصُ بقَتْلِه، كما لو لم يَرْتَدَّ، واحتمالُ السِّرايةِ حالَ الرِّدَّةِ لا يَمْنَعُ؛ لأنَّها غيرُ معلومةٍ، فلا يجوزُ تركُ السببِ المعلومِ باحْتمالِ المانعِ، كما لو لم يَرْتَدَّ، فإنَّه يَحْتَمِلُ أن يموتَ بمرَضٍ أو بسببٍ آخرَ، أو بالجَرْحِ (٢٣) مع شيءٍ آخرَ يُؤَثِّرُ في الموتِ، فأمَّا الدِّيَةُ، فتَجِبُ كاملةً. ويَحْتَمِلُ وُجوبُ نِصْفِها؛ لأنَّه مات من جَرْحٍ مَضْمُونٍ وسِرَايةٍ غيرِ مَضْمونةٍ، فوجَبَ نِصْفُ الدِّيَةِ، كما لو جَرَحه إنْسانٌ وجَرَحَ نَفْسَه، فمات منهما. فأمَّا إن كان زَمَنُ الرِّدّةِ لا تَسْرِي في مثلِه الجِنايةُ، ففِيه الدِّيَةُ أو القِصاصُ. وقال الشافعيُّ، في أحَدِ قَوْلَيْه: لا قِصاصَ فيه؛ لأنَّه انْتَهَى إلى حالٍ لو ماتَ لم يَجِبِ القِصاصُ. ولَنا، أنَّهما مُتكافِئانِ حالَ الجِنايةِ والسِّرايةِ والموتِ، فأشْبَهَ ما


(٢٢) سقط من: الأصل، م.
(٢٣) في ب: "وبالجرح".

<<  <  ج: ص:  >  >>