للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السُّجُودِ، كالمِغْفَرِ (١٠)، ولا ما يُؤْذِى غَيْرَه، كالرُّمْحِ إذا كان مُتَوَسِّطًا، فإن كان في الحاشِيَةِ لم يُكْرَهْ، ولا يجوزُ حَمْلُ نَجَسٍ، ولا ما يُخِلُّ بِرُكْنٍ من أرْكانِ الصلاةِ إلَّا عند الضَّرُورَةِ، مثل أن يَخافَ وُقُوعَ الحِجارَةِ أو السِّهامِ به، فيجوزُ له (١١) حَمْلُه لِلضَّرُورَةِ. قال أصْحَابُنا: ولا يَجِبُ حَمْلُ السِّلاحِ. وهذا قولُ أبي حنيفةَ وأكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ، وأحَدُ قَوْلَىِ الشَّافِعِىِّ؛ لأنَّه لو وَجَبَ لَكان شَرْطًا في الصلاةِ كالسُّتْرَةِ، ولأنَّ الأمْرَ به لِلرِّفْقِ بهم والصِّيانَةِ لهم، فلم يكن لِلإِيجابِ، كما أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لمَّا نَهَى عن الوِصالِ رِفْقًا بهم لم يكنْ لِلتَّحْرِيمِ. ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ وَاجِبًا، وبه قال دَاوُدُ، والشَّافِعِىُّ في القَوْلِ الآخرِ، والحُجَّةُ معهم؛ لأنَّ ظاهِرَ الأمْرِ الوُجُوبُ، وقد اقْتَرَنَ به ما يَدُلُّ على إرادَةِ الإِيجابِ به، وهو قولُه تعالى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ} (١٢). ونَفْىُ الحَرَجِ مَشْرُوطًا بالأذَى دَلِيلٌ على لُزُومِه عندَ عَدَمِه، فأمَّا إنْ كان بهم أَذًى من مَطَرٍ أو مَرَضٍ، فلا يَجِبُ بغير خِلافٍ، بِتَصْرِيحِ النَّصِّ بِنَفْىِ الحَرَجِ فيه.

فصل: ويجوزُ أن يُصَلِّىَ صلاةَ الخَوْفِ على كلِّ صِفَةٍ صَلَّاهَا رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال أحمدُ: كُلُّ حَدِيثٍ يُرْوَى في أبْوابِ صلاةِ الخَوْفِ فالعَمَلُ به جائِزٌ. وقال: سِتَّةُ أوْجُهٍ أو سَبْعَةٌ يُرْوَى فيها، كُلُّها جَائِزٌ. وقال الأثْرَمُ: قلتُ لأبي عبدِ اللهِ: تَقُولُ بالأحَادِيثِ كُلِّها كلِّ حَدِيثٍ في مَوْضِعِه، أو تَخْتَارُ وَاحِدًا منها. قال: أنا أقولُ مَن ذَهَبَ إليها كُلِّها فَحَسَنٌ، وأمَّا حَدِيثُ سَهْلٍ (١٣) فأنا أخْتَارُه. إذا تَقَرَّرَ هذا فَنَذْكُرُ الوُجُوهَ التي بَلَغَنَا أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- صَلَّى عليها، وقد ذَكَرْنا منها


(١٠) المغفر: زرد ينسج من الدروع على قدر الرأس، يلبس تحت القلنسوة.
(١١) سقط من: الأصل.
(١٢) سورة النساء: ١٠٢.
(١٣) حديث سهل تقدم تخريجه في صفحة ٢٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>