للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العِدّةَ بثلاثةِ أشْهُرٍ؛ لأنَّ العِدَّةَ لا تُلَفَّقُ من جِنْسيْنِ، وقد تعَذَّرَ إتْمامُها بالحِيَضِ، فوَجَبَ تَكْمِيلُها بالأشْهُرِ. وإن ظَهَرَ بها حَمْلٌ من الزَّوْجِ، سَقَطَ حكمُ ما مَضَى وتَبَيَّنَّا (٢) أنَّ ما رَأَتْه من الدَّمِ لم يكُنْ حَيْضًا؛ لأنَّ الحامِلَ لا تَحِيضُ ولو حاضَتْ ثلاثَ حِيَضٍ، ثم ظَهَرَ بها حَمْلٌ. لأقَلَّ من سِتَّةِ أشْهُرٍ منذُ انْقَضَتِ الحيضةُ الثالثةُ، تَبَيَّنَّا أنَّ الدمَ ليس بحَيْضٍ؛ لأنَّها كانتْ حامِلًا مع رُؤْيةِ الدَّمِ، والحاملُ لا تَحِيضُ. ولو حاضَتْ ثلاثَ حِيَضٍ، ثم ظَهَر بها حملٌ يُمْكِنُ أن يكونَ حادثًا بعدَ قضاءِ العِدَّةِ، بأن تَأْتِىَ به (٣) لسِتَّةِ أشْهُرٍ منذُ فَرَغَتْ من عِدَّتِها، لم تلْحَقْ بالزَّوْجِ، وحَكَمْنا بصِحَّةِ الاعْتِدادِ، وكان هذا الولدُ حادِثًا. وإن أتَتْ به لِدُونِ ذلك، تَبيَّنَّا أنَّ الدَّمَ ليس بحَيْضٍ؛ لأنَّه لا يجوزُ وُجُودُه فى مُدَّةِ الْحَمْلِ.

فصل: وإذا ارْتابَتِ المُعْتدَّةُ، ومعناه أن تَرَى أماراتِ الحَمْلِ؛ من حَرَكةٍ أو نَفْخةٍ ونحوِهما (٤)، وشَكَّتْ هل هو حَمْلٌ أم لا؟ فلا يَخْلُو من ثلاثةِ أحْوالٍ؛ أحدها، أن تَحْدُثَ بها (٥) الرِّيبةُ قبلَ انْقِضاءِ عِدَّتِها، فإنَّما تَبْقَى فى حُكْمِ الاعْتِدادِ حتى تَزُولَ الرِّيبةُ، فإن بان حَمْلًا، انْقَضَتْ عِدَّتُها بوَضْعِه، فإن زالتْ وبانَ أنَّه ليس بحَمْلٍ، تبَيَّنَّا أنَّ عِدَّتَها انْقضَتْ بالقُرُوءِ أو الشُّهُورِ. فإن زُوِّجَتْ قبلَ زَوالِ الرِّيبَةِ، فالنِّكاحُ باطِلٌ؛ لأنَّها تزَوَّجَتْ وهى فى حُكْمِ المُعْتَدَّاتِ فى الظاهرِ. ويَحْتَمِلُ أنَّه إذا تبَيَّنَ عَدَمُ الحَمْلِ، أنَّه يَصِحُّ النكاحُ؛ لأنَّا تبَيَّنَّا أنَّها تزَوَّجَتْ بعدَ انْقِضاءِ عِدَّتِها. الثاني، أن تَظْهرَ الرِّيبَةُ بعدَ قَضاءِ عِدَّتِها والتَّزَوُّجِ، فالنِّكاحُ صحيحٌ؛ لأنَّه وُجِدَ بعدَ قَضاءِ العِدَّةِ ظاهرًا، والحَمْلُ مع الرِّيبَةِ مشكوكٌ فيه، فلا يَزُولُ به ما حُكِمَ بصِحَّتِه، لكن، لا يَحِلُّ لِزَوْجِها وَطْؤُها؛ لأنَّنا شَكَكْنا فى صِحَّةِ النكاحِ، ولأنَّه لا يَحِلُّ لمن يُؤْمِنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ أن يسْقِىَ


(٢) فى الأصل، م: "وتبين".
(٣) سقط من: الأصل، أ، ب.
(٤) فى أ: "ونحوه".
(٥) فى الأصل، أ، م: "به".

<<  <  ج: ص:  >  >>