للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا جازَ إِفْرادُه يَمْنَعُ، وإن لم يَجُزْ إفْرادُهُ، كالسَّيْفِ المُحَلَّى يُباعُ بِجِنْسِ حِلْيَتِه، ومالا يَمْنَعُ لا يَمْنَعُ، وإن جازَ إفْرادُه، كمالِ العَبْدِ.

فصل: وإن باعَ جِنْسًا فيه الرِّبا بِجِنْسِه، ومع كلِّ واحِدٍ من غيرِ جِنْسِه غيرَ مَقْصُودٍ، فذلك يَنْقَسِمُ أقْسامًا؛ أحدُها، أن يكونَ غيرُ المَقْصُودِ يَسِيرًا، لا يُؤَثِّرُ فى كَيْلٍ ولا وَزْنٍ، كالمِلْحِ فيما يُعْمَلُ فيه، وحَبَّاتِ الشَّعِيرِ فى الحِنْطَةِ، فلا يَمْنَعُ؛ لأنَّه يَسِيرٌ لا يُخِلُّ بالتَّماثُلِ، وكذلك لو وُجِدَ فى أحَدِهما دونَ الآخَرِ، لم يَمْنَعْ لذلك، ولو باعَ ذلك بِجِنْسِ غيرِ المَقْصُودِ الذى معه، مثلُ أن يَبِيعَ الخُبْزَ بالمِلْحِ، جازَ؛ لأنَّ وُجودَ ذلك كعَدَمِه. الثانِى، أن يكونَ غيرُ المَقْصُودِ كثيرًا، إلَّا أنَّه لِمَصْلَحَةِ المَقْصُودِ، كالماء فى خَلِّ التَّمْرِ، والزَّبِيبِ، ودِبْسِ التَّمْرِ، فهذا يَجُوزُ بَيْعُ الشَّىْءِ منه بمِثْلِه، ويُنَزَّلُ خِلْطُه مَنْزِلَةَ رُطوبَتِه؛ لِكَوْنِه من مَصْلَحَتِه، فلا يَمْنَعُ من بَيْعِه بما يُماثِلُه، كالرُّطَبِ بالرُّطَبِ، ولا يَجوزُ بَيْعُه بما ليس فيه خِلْطٌ، كبَيْعِ خَلِّ العِنَبِ بِخَلِّ الزَّبِيبِ؛ لإِفْضائِه إلى التَّفاضُلِ، فجَرَى مجْرَى بَيْعِ التَّمْرِ بالرُّطَبِ، ومَنَعَ الشَّافِعِىُّ ذلك كُلَّه إلَّا بَيْعَ الشَّيْرَجِ بالشَّيْرَجِ؛ لِكَوْنِ الماءِ لا يَظْهَرُ فى الشَّيْرَجِ. الثالث، أن يكونَ غيرُ المَقْصُودِ كَثِيرًا، وليس من مَصْلَحَتِه، كاللَّبَنِ المَشُوبِ بالماءِ، والأثْمانِ المَغْشُوشَةِ بغيرِها، فلا يَجُوزُ بَيْعُ بعضِها بِبعضٍ؛ لأنَّ خِلْطَهُ ليس من مَصْلَحَتِه، وهو يُخِلُّ بالتَّماثُلِ المَقْصُودِ فيه، وإن باعهُ بِجِنْسِ غيرِ المَقْصُودِ، كَبَيْعِ الدِّينارِ المَغْشُوشِ بالفِضَّةِ بالدراهمِ، احتمَلَ الجواز؛ لأنَّه يَبِيعُه بِجِنْسٍ غيرِ مَقْصُودٍ فيه، فأشْبَه بَيْعَ اللَّبَنِ بِشاةٍ فيها لبنٌ، ويحتَمِلُ المنعَ بِناءً على الوَجْهِ الآخَرِ فى الأَصْلِ. وإن باع دِينارًا مَغْشُوشًا بمِثْلِه، والغِشُّ منهما (٢١) مُتفاوتٌ، أو غيرُ مَعْلُومِ المِقْدَارِ، لم يَجُزْ؛ لأنَّه يُخِلُّ بالتَّماثُلِ المَقْصُودِ. وإن عَلِمَ التَّساوِىَ فى الذَّهَبِ والعَيْنِ (٢٢) الذى فيهما، خُرِّجَ على الوَجْهَيْنِ، أَولاهُما الجَوازُ؛ لأنَّهما


(٢١) فى م: "فيها".
(٢٢) فى م: "الغش".

<<  <  ج: ص:  >  >>