للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصْحَابِ الرَّأْىِ، ومَنَعَ منه مالِكٌ في إحْدَى رِوَايَتَيْه، والشَّافِعِيُّ في أحَدِ قَوْلَيْه؛ [لأنَّ الحاجَةَ لا تَدْعُو إلى لُبْسِه في الغالِبِ، فلا يَتَعَلَّقُ به رُخْصَةٌ عَامَّةٌ، كالجَبِيرَةِ] (٧). ولَنا، أنَّه خُفٌّ ساتِرٌ يمكنُ مُتابَعَةُ المَشْىِ فيه، أشْبَهَ المُنْفَرِدَ (٨)، وكما لو كان الذي تحتَه مُخَرَّقًا، وقَوْلُه: "الحَاجَةُ لا تَدْعُو إليه". مَمْنُوعٌ؛ فإنَّ البِلَادَ البارِدَةَ لا يَكْفِى فيها خُفٌّ وَاحِدٌ غالِبًا، ولو سَلَّمْنَا ذلك، ولَكِن الحاجَةَ مُعْتَبَرَةٌ بِدَلِيلِها، وهو الإِقْدَامُ على اللُّبْسِ، لا بِنَفْسِها، فهو كالخُفِّ الوَاحِدِ. إذا ثَبَتَ هذا فمتى نَزَعَ الفَوْقَانِيَّ قبلَ مَسْحِهِ، لم يُؤَثِّرْ ذلك، وكان لُبْسُه كعَدَمِه، وإنْ نَزَعَهُ بعدَ مَسْحِه، بَطَلَتِ الطَّهَارَةُ، ووَجَبَ نَزْعُ الخُفَّيْنِ وغَسْلُ الرِّجْلَيْنِ؛ لِزَوَالِ مَحَلِّ المَسْحِ. ونَزْعُ أحَدِ الخُفَّيْنِ كنَزْعِهِما؛ لأنَّ الرُّخْصَةَ تَعَلَّقَتْ بهما، فصَارَ كانْكِشَافِ القَدَمِ، ولو أدْخَلَ يَدَهُ مِن تَحْتِ الفَوْقَانِيِّ، ومَسَحَ الذي تحتَه، جازَ؛ لأنَّ كُلَّ وَاحِدٍ منهما مَحَلٌّ لِلْمَسْحِ، فجازَ المَسْحُ على ما شاءَ منهما، كما يَجُوزُ غَسْلُ قَدَمِهِ في الخُفِّ، مع أنَّ له المَسْحَ عليه. ولو لَبِسَ أحَدَ الجُرْمُوقَيْنِ في إحْدَى الرِّجْلَيْنِ دُونَ الأُخْرَى، جازَ المَسْحُ عليه، وعلى الخُفِّ الذي في الرِّجْلِ الأُخْرَى؛ لأنَّ الحُكْمَ تَعَلَّقَ به وبالخُفِّ في الرِّجْلِ الأُخْرَى، فهو كما لو لم يكنْ تَحْتَهُ شيءٌ.

فصل: فإنْ لَبِسَ خُفًّا مُخَرَّقًا فَوْقَ صَحِيحٍ، فعن أحمدَ، جَوَازُ المَسْحِ. قال، في رِوايةِ حَرْب: الخُفُّ (٩) المُخَرَّقُ إذا كان في رِجْلَيْهِ جَوْرَبٌ، مَسَحَ، وإنْ كان الخُفُّ مُنْخَرِقًا، وأمَّا إنْ كان تَحْتَه لَفَائِفُ أو خِرَقٌ، فلا يَجُوزُ المَسْحُ. نَصَّ عليه أحمدُ في مَوَاضِعَ. ووَجْهُه أنَ القَدَمَ مَسْتُورٌ (٩) بما يَجُوزُ المَسْحُ عليه، فَجَازَ المَسْحُ كما لو كان السُّفْلَانِيُّ مَكْشُوفًا، بخِلَافِ ما إذا كان تحتَه لُفَافَةٌ. وقال القاضي وأصْحابُه: لا يَجُوزُ المَسْحُ إلَّا على التَّحْتَانِيِّ؛ لأنَّ الفَوْقَانِيَّ لا يَجُوزُ المَسْحُ عليه مُنْفَرِدًا (١٠)، فلم يَجُزِ المَسْحُ عليه مع غيرِه، كالذى تحتَهُ لُفَافَةٌ، وإنْ لَبِسَ مُخَرَّقًا


(٧) سقط من: الأصل.
(٨) في م: "المفرد".
(٩) سقط من: الأصل.
(١٠) في م: "مفردا".

<<  <  ج: ص:  >  >>