للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَأْذُونِ، كالحُكْمِ في بَيْعِه لِنَفْسِه، كلُّ ذلك يُخَرَّج على رِوَايَتَيْنِ، بنَاءً على بَيْعِه لِنَفْسِه، أمَّا بَيْعُه لِوَلَدِه الكَبِيرِ، أو والِدِه، أو مُكَاتَبِه، فذكَرَهم أصْحابُنا أيضًا في جُمْلَةِ ما يُخَرَّجُ على رِوَايَتَيْنِ. ولأَصحابِ الشَّافِعِىِّ فيهم وَجْهانِ. وقال أبو حنيفةَ: يجوزُ بَيْعُه لِوَلَدِه الكَبِيرِ؛ لأنَّه امْتَثَلَ أمْرَ مُوَكِّلِه، ووَافَقَ العُرْفَ في بَيْعِ غيرِه، فصَحَّ، كما لو باعَهُ لأَخِيه، وفارَقَ البَيْعَ لِوَكِيلِه؛ لأنَّ الشِّرَاءَ إنَّما يَقَعُ لِنَفْسِه، وكذلك بَيْعُ عَبْدِه المَأْذُونِ، وبَيْعُ طِفْلٍ يَلِى عليه، بَيْعٌ لِنَفْسِه؛ لأنَّه هو المُشْتَرِى له، وَوَجْهُ الجَمْعِ بينهم، أنَّه يُتَّهَمُ في حَقِّهم، ويَمِيلُ إلى تَرْكِ الاسْتِقْصاءِ عليهم في الثَّمَنِ، كتُهْمَتِه في حَقِّ نَفْسِه، ولذلك (٨) لا تُقْبَلُ شَهَادَتُه. والحُكْمُ فيما إذا (٩) أرَادَ أن يَشْتَرِىَ لِمُوَكِّلِه، كالحُكْمِ في بَيْعِه لمَالِه (١٠) لأنَّهما سَوَاءٌ في المَعْنَى.

فصل: وإن وَكَّلَ رَجُلًا يَتَزَوَّجُ له امْرَأةً، فهل له أن يُزَوِّجَهُ ابْنَتَهُ؟ يُخَرَّجُ على ما ذَكَرْنا في الوَكِيلِ في البَيْعِ، هل يَبِيعُ لِوَلَدِه؟ وقال أبو يوسف (١١) ومحمدٌ: يجوزُ. وَوَجْهُ القَوْلَيْنِ ما تَقَدَّمَ في التي قَبْلَها. وإن أَذِنَتْ له وَلِيَّتُه في تَزْوِيجِها، خُرِّجَ في تَزْوِيجها لِنَفْسِه أو [وَلَدِه أو والِده] (١٢) وَجْهَان، بِنَاءً على ما ذُكِرَ (١٣) في البَيْعِ. وكذلك إن وَكَّلَهُ رَجُل في تَزْوِيجِ ابْنَتِه، خُرِّجَ فيه مثلُ ذلك.

فصل: وإن وَكَّلَهُ رَجُلٌ في بَيْعِ عَبْدِه ووَكَّلَهُ آخَرُ في شِرَاءِ عَبْدٍ، فقِياسُ المَذْهَبِ أنَّه يجوزُ له أن يَشْتَرِيَهُ له من نَفْسِه؛ لأنَّه أُذِنَ له في طَرَفَىِ العَقْدِ، فجازَ له أن يَلِيَهما إذا كان غيرَ مُتَّهَمٍ، كالأَبِ يَشْتَرِى من مالِ وَلَدِه لِنَفْسِه. ولو وَكَّلَهُ المُتَدَاعِيانِ في الدَّعْوَى عنهما، فالقِيَاسُ جَوَازُه؛ لأنَّه تُمْكِنُه الدَّعْوَى عن أحَدِهما، والجَوابُ عن الآخَرِ،


(٨) في أ، ب، م: "وكذلك".
(٩) سقط من: ب، م.
(١٠) في ب: "لمالكه".
(١١) في أ: "أبو حنيفة".
(١٢) في م: "لولده".
(١٣) في م: "ذكره".

<<  <  ج: ص:  >  >>