للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإِمامِ ويُفَارِقُ من خَلْفَ الإِمامِ، فإِنَّه لا يَحْتاجُ في الاقْتِدَاءِ إلى الالْتِفَاتِ إلى وَرَائِه.

فصل: وإذا كان المَأْمُومُ وَاحِدًا ذَكَرًا، فالسُّنَّةُ أنْ يَقِفَ عن يَمِينِ الإِمامِ رَجلًا كان، أو غُلامًا؛ لِحَدِيثِ ابنِ عَبَّاسٍ وأَنَسٍ، ورَوَى جابِرُ بن عبدِ اللهِ، قال: سِرْتُ مع رَسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- في غَزْوَةٍ، فقامَ يُصَلِّى، فَتَوَضَّأْتُ، ثم جِئْتُ حتى قُمْتُ عن يَسَارِ رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأخَذَ بِيَدِى، فأدَارَنِى حتَّى أقَامَنِى عن يَمِينِه، فجاءَ جَبَّارُ بنُ صَخْرٍ حتى قامَ عن يَسَارِه، فأخَذَنا بِيَدَيْهِ جَمِيعًا حتَّى أقَامَنَا خَلْفَه. رَوَاه مُسْلِمٌ، وأبو دَاوُدَ (١٥). فإن كانوا ثَلَاثَةً تَقَدَّمَ الإِمامُ، ووَقَفَ المَأْمُومانِ خَلْفَه. وهذا قولُ عمرَ، وعليٍّ، وجابِرِ بنِ زيْدٍ، والحسنِ، وعَطاءٍ، والشَّافِعِيِّ، وأصْحَابِ الرَّأْى. وكان ابنُ مسعودٍ يَرَى أن يَقِفُوا جَمِيعًا صَفًّا. ولَنَا، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أخْرَجَ جَبَّارًا وجابِرًا، فَجَعَلَهُما خَلْفَه، ولمَّا صَلَّى بأنَسٍ واليَتِيمِ جَعَلَهُما خَلْفَه، وحَدِيثُ ابن مَسْعودٍ يَدُلُّ على جَوَازِ ذلك، وحَدِيثُ جابِرٍ وجَبَّارٍ يَدُلُّ على الفَضْلِ؛ لأنَّه [نَقَلَهما إليه] (١٦)، ولا يَنْقُلُهما إلَّا إلى الأَكْمَل. فإنْ كان أحَدُ المأْمُومِينَ صَبِيًّا، وكانت الصَّلَاةُ تَطَوُّعًا، جَعَلَهُما خَلْفَه، لِخَبَرِ أَنَسٍ. وإن كانَتْ فَرْضًا، جَعَلَ الرَّجُلَ عن يَمينِه، والغُلامَ عن يَسَارِه، كما جاءَ (١٧) في حَدِيثِ ابنِ مسعودٍ. وإن جَعَلَهما جَمِيعًا عن يَمينِه، جازَ، وإن وَقَفَهما خَلْفَه، فقال بعضُ أصْحابِنا: لا تَصِحُّ؛ لأنَّه لا يَؤُمُّهُ، فلم يُصَافِّه (١٨) كالمَرْأَةِ. ويَحْتَمِلُ أن تَصِحَّ؛ لأنَّه بِمَنْزِلَةِ المُتَنَفِّلِ، والمُتَنَفِّلُ يَصِحُّ أن يُصَافَّ المُفْتَرِضَ، كذا ههُنا.

فصل: وإنْ أمَّ امْرَأَةً وَقَفَتْ خَلْفَه؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "أخِّرُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أخَّرَهُنَّ اللهُ" (١٩). ولأنَّ أُمَّ أَنَسٍ وَقَفَتْ خَلْفَهما وَحْدَها. فإنْ كان مَعَهما


(١٥) تقدم في صفحة ٥١.
(١٦) في أ، م: "جعلهما خلفه".
(١٧) سقط من: الأصل.
(١٨) في أ، م: "يصادفه". خطأ.
(١٩) تقدم في صفحة ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>