للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصْحابِ مالِكٍ؛ لأنَّهم عَلَّلُوا ذلك بما ذَكَرْنَا عنهم، ولا يَتَحَقَّقُ ذلك فى البَيْعِ لهم. ولَنا، قولُ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَا تَلَقَّوُا الرُّكبَانَ". والبائِعُ داخِلٌ فى هذا. ولأنّ النَّهْىَ عنه لما فيه مِن خَدِيعَتِهم وغَبْنِهم، وهذا فى البَيْعِ كهُوَ فى الشِّراءِ، والحَدِيثُ قد جاءَ مُطْلَقًا، ولو كان مُخْتَصًّا بالشِّراءِ لأُلْحِقَ به ما فى مَعْناه، وهذا فى مَعْناه.

فصل: فإنْ خَرَجَ لغيرِ قَصْدِ التَّلَقِّى، فَلَقِىَ رَكْبًا، فقال القاضى: ليس له الابْتِياعُ مِنهم، ولا الشِّراءُ. وهذا أحَدُ الوَجْهَيْنِ لأصحابِ الشَّافِعِىِّ. ويَحْتَمِلُ أنْ لا يَحْرُمَ عليه ذلك. وهو قولُ اللَّيْثِ بن سَعْدٍ. والوجهُ الثّانى لأصحابِ الشّافِعِىِّ؛ لأنَّه لم يَقْصِدِ التَّلَقِّىَ، فلم يَتَناوَلْه النَّهْىُ. ووَجْهُ الأوَّلِ، أنّه إنّما نَهَى عن التَّلَقِّى دَفْعًا للخَدِيعَةِ والغَبْنِ عنهم، وهذا مُتَحَقِّقٌ، سواءٌ قَصَدَ التَّلَقِّى، أو لم يَقْصِدْه، فوَجَبَ المَنْعُ منه، كما لو قَصَدَ.

فصل: وإنْ تَلَقَّى الجَلَبَ فى أعْلَى السُّوق (٦)، فلا بَأْسَ، فإن ابنَ عمرَ رَوَى أنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى أنْ تُتَلَقَّى السِّلَعُ حتَّى يُهْبَطَ بها [إلى السُّوقِ] (٧). رواه البُخارِىُّ (٨). ولأنَّه إذا صارَ فى السُّوقِ، فقد صارَ فى مَحَلِّ البَيْعِ والشِّراءِ، فلم يَدْخُلْ فى النَّهْىِ، كالذى وَصَلَ إلى وَسَطِها.

فصل: والاحْتِكارُ حَرامٌ؛ لما رُوِىَ عن الأثْرَمِ، عن أبي أُمامَةَ، قال: نَهَى رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنْ يُحْتَكَرَ الطَّعامُ (٩). ورَوَى أيضًا، بإسنادِه عن سعيدِ بن


(٦) فى م: "الأسواق".
(٧) فى م: "الأسواق".
(٨) فى: باب النهى عن تلقى الركبان. . .، من كتاب البيوع. صحيح البخارى ٣/ ٩٥.
كما أخرجه مسلم، فى: باب تحريم تلقى الجلب، من كتاب البيوع. صحيح مسلم ٣/ ١١٥٦. وأبو داود، فى: باب فى التلقى، من كتاب البيوع. سنن أبي داود ٢/ ٢٤١. والدارمى، فى باب لا يبع على بيع أخيه، من كتاب البيوع. سنن الدارمى ٢/ ٢٥٥. والإمام أحمد، فى: المسند ٢/ ٧، ٢٢، ٦٣، ٩١.
(٩) أخرجه البيهقى، فى: باب ما جاء فى الاحتكار، من كتاب البيوع. السنن الكبرى ٦/ ٣٠. والحاكم، =

<<  <  ج: ص:  >  >>