للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُسَيْدٍ، وسِيرِينُ مَوْلَى أنسٍ، وسُليمانُ بن يَسارٍ مولى مَيْمُونةَ، وقد وَهَبَتْ وَلاءَه لابن عبَّاسٍ، وكانوا مُكاتَبِينَ، وكذلك أشْباهُهم. ويدلُّ على ذلك أَنَّ فى حديثِ بَرِيرةَ، أنَّها جاءت عائشةَ فقالت: يا أُمَّ المؤمنينَ، إنِّى كاتَبْتُ أهْلِى على تِسْعِ أواقٍ فأعِينينِى. فقالت عائشةُ: إن شاءُوا عَدَدْتُ لهم عَدَّة واحدة ويكونُ وَلاؤُكِ لى فَعَلْتُ. فأبَوْا أن يَبِيعُوها إلَّا أن يكونَ الوَلاءُ لهم، فقال النبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اشْتَرِيها، واشْتَرِطِى لَهُم الْوَلَاءَ" (٤). وهذا يدل على أن الولاءَ كان لهم لَو لَم تَشْتَرِها منهم عائشةُ.

فصل: وإن اشْتَرَى العبدُ نَفْسَه من سَيِّده بعِوَض حالٍّ، عَتَقَ والوَلاءُ لسَيِّدِه؛ لأنَّه يَبِيعُ مالَه بمالِه، فهو مثلُ المُكاتَبِ سَواءً، والسيدُ هو المُعْتِقُ لهما، فالوَلاءُ له عليهما.

١٠٥٤ - مسألة؛ قال: (وَوَلاءُ أُمِّ الوَلَدِ لِسَيِّدهَا إذَا مَاتَ)

يعنى إذا عَتَقَتْ بمَوْتِ سَيِّدها، فوَلاؤُها له يَرِثُها أَقْرَبُ (١) عَصَبَتِه. وهذا قولُ عمرَ، وعثمانَ. وبه قال عامَّةُ الفُقَهاءِ. وقال ابنُ مسعود: تَعْتِقُ مِن (٢) نَصِيبِ ابْنِها، فيكونُ ولاؤُها له. وعن ابنِ عباسٍ نحوُه. وعن علىٍّ: لا تَعْتِقُ ما لم يَعْتِقها (٣) وله بَيْعُها. وبه قال جابرُ بن زيدٍ، وأهلُ الظاهرِ. وعن ابنِ عباسٍ نحوُه. ولِذِكْرِ الدليلِ على عِتقِها موضعٌ غيرُ هذا، ولا خلافَ بين القائلينَ بعِتْقِها أن ولاءَها لمن عَتَقَ عليه. ومذهبُ الجُمْهورِ أنَّها تَعْتِقُ بموتِ سَيِّدِها من رأس المالِ، فيكونُ وَلاؤُها له؛ لأنَّها عَتَقَتْ بفِعْلِه من مالِه (٤)، فكان ولاؤُها له، كما لو عَتَقَتْ بقوله. ويَخْتَصُّ ميراثُها بالوَلاءِ بالذُّكورِ من عَصَبةِ السَّيِّدِ، كالمُدَبَّرِ والمُكاتَبِ.


(٤) تقدم تخريجه فى: ٨/ ٣٥٩.
(١) فى م: "قرب".
(٢) فى م: "منى".
(٣) فى م: "يفتقها".
(٤) فى م: "له".

<<  <  ج: ص:  >  >>