للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاسْتِحالَةُ لا تُطَهِّرُ. فإنْ عَلِقَ بشىءٍ، وكان يسيرًا، عُفِىَ عنه؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ منه، فأشْبَهَ دَمَ الْبَراغِيثِ، وإن كان كثيرًا، لم يُعْفَ عنه.

فصل: سُئِلَ أحمدُ عن خَبَّازٍ خَبَزَ خُبْزًا، فباعَ منه، ثم نظَرَ فى الماءِ الذى عَجَنَ مِنْه، فإذا فيه فَأْرَةٌ؟ فقال: لا يَبِيعُ الخبزَ من أحَدٍ، وإِنْ باعَه اسْتَردَّه، فإنْ لم يَعْرِفْ صاحِبَه، تَصَدَّقَ بثَمَنِه، ويُطْعِمُه من الدَّوابِّ ما لا يُؤْكَلُ لَحْمُه، ولا يُطْعَمُ لما (١٥) يُؤكَلُ، إلا أَنْ يكونَ إذا أطْعَمَه لم يُذْبَحْ حتى يكونَ له ثلاثةُ أيَّامٍ. على معنى الجَلَّالةِ. قيل له: أليس قال النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ المَيْتَةِ (١٦) " (١٧)؟ . قال: ليس هذا بمنزلةِ الْمَيِّتِ، إنَّمَا اشْتَبَه عليه. قيل له: فهو بمَنْزلَةِ كَسْبِ الحَجَّام، يُطْعَمُ النَّاضِحَ والرَّقِيقَ؟ قال: هذا أشدُّ عِنْدِى، لا يُطْعَمُ الرَّقِيقَ، لكن يُعْلِفُه (١٨) البهائِمَ. قيل له: أيْش (١٩) الحُجَّةُ؟ قال: حَدَّثَنا عبدُ الصَّمَدِ، عن صَخْرٍ، عن نافِع، عن ابنِ عمرَ، أَنَّ قَوْمًا اخْتَبَزُوا مِن آبار الذين مُسِخُوا، فقال النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَطْعِمُوهُ النَّوَاضِحَ".

فصل: قال أحمدُ: لا أرى أَنْ يُطْعِمَ كلبَه المعلَّم الْمَيْتةَ، ولا الطَّيرَ المُعلَّمَ؛ لأنَّه يضْرِبُه على الْمَيتَةِ، فإنْ أَكَلَ الكلبُ، فلا أرى صاحِبَه حَرِجًا (٢٠). ولعلَّ أحمدَ كَرِهَ أَنْ يكونَ الكلبُ المُعلَّمُ إذا صادَ وقتلَ أكلَ منه، لِتَضْرِيَتِه بإطعامِه المَيْتَةَ. ولم يكْرَهْ مالِكٌ إطعامَ كلبِه وطيرِه الْمَيتَةَ؛ لأنَّه غيرُ مَأْكولٍ، إذا كان لا يشْرَبُ فى إنائِه.

فصل: قال أحمد: أكرْهُ أكلَ الطِّينِ، ولا يَصِحُّ فيه حَدِيثٌ، إلَّا أنَّه يَضُرُّ بالبَدَنِ، ويُقال: إنَّه رَدِئٌ، وتَرْكُه خَيْرٌ من أكله. وإنَّما كَرِهَه أحمدُ لأجْلِ مَضَرَّتِه. فإنْ كان منه ما يُتَدَاوَى به، كالطينِ الأَرْمَنِىِّ، فلا يُكْرَه، وإِنْ كان ممَّا لا مَضَرَّةَ فيه ولا نَفْعٌ، كالشىءِ


(١٥) فى ب: "ما".
(١٦) فى ب بعد هذا: "بإهاب".
(١٧) تقدم تخريجه، فى: ١/ ٩٠، ٩١.
(١٨) فى أ، ب: "يعلف".
(١٩) فى ب، م: "أين".
(٢٠) فى النسخ: "خرجا".

<<  <  ج: ص:  >  >>