للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَقْدَيْنِ، فكأنَّه رَهَنَ كلَّ واحِدٍ منهما النِّصْفَ مُفْرَدًا، فإن أرَادَ مُقَاسَمَةَ المُرْتَهِنِ، وأَخْذَ نَصِيبِ مَن وَفَّاهُ، وكان الرَّهْنُ ممَّا لا تَنْقُصُه القِسْمَةُ، كالمَكِيلِ والمَوْزُونِ، لَزِمَ ذلك، وإن كان ممَّا تَنْقُصُه القِسْمَةُ، لم تَجِبْ قِسْمَتُه؛ لأنَّ على المُرْتَهِنِ ضَرَرًا فى قِسْمَتِه، ويُقَرُّ فى يَدِ المُرْتَهِنِ، نِصْفُه رَهْنٌ، ونِصْفُه وَدِيعَةٌ. وإن رَهَنَ اثْنَانِ عَبْدَهُما عند رَجُلٍ، فوَفَّاهُ أحَدُهما، انْفَكَّ الرَّهْنُ فى نَصِيبِه. وقد قال أحمدُ، فى رِوَايَةِ مُهَنَّا، فى رَجُلَيْنِ رَهَنَا دَارًا لهما عندَ رَجُلٍ، على أَلْفٍ، فقَضَاهُ أحَدُهما، ولم يَقْضِ الآخَرُ: فالدَّارُ رَهَنٌ على ما بَقِىَ. وقال أبو الخطَّابِ، فى رَجُلٍ رَهَنَ عَبْدَه عندَ رَجُلَيْنِ، فوَفَّى أحَدَهما، فجَمِيعُه رَهْنٌ عند الآخَرِ، حتى يُوَفِّيَهُ. وهذا من كَلامِ أحمدَ وأبى الخَطَّابِ مَحْمُولٌ على أنَّه ليس لِلرَّاهِنِ مُقَاسَمَةُ المُرْتَهِنِ، لِمَا عليه من الضَّرَرِ، لا بِمَعْنَى أنَّ العَيْنَ كلَّها تكونُ رَهْنًا، إذ لا يجوزُ أن يُقالَ: إنَّه رَهَنَ نصْفَ العَبْدِ عندَ رَجُلٍ، فصَارَ جَمِيعُه رَهْنًا. ولو رَهَنَ اثْنَانِ عَبْدًا لهما عندَ اثْنَيْنِ بِأَلْفٍ، فهذه أرْبَعَةُ عُقُودٍ، ويَصِيرُ كلُّ رُبْعٍ من العَبْدِ رَهْنًا بمائتَيْنِ وخَمْسِينَ، فمتى قَضاهَا مَن هى عليه، انْفَكَّ من الرَّهْنِ ذلك القَدْرُ. قالَه القاضى، وهو الصَّحِيحُ.

فصل: ولو ادَّعَى رَجُلَانِ على رَجُلٍ أنَّه رَهَنَهما عَبْدَه، وقال كلُّ واحدٍ منهما: رَهَنَهُ عندى دون صَاحِبِى. فأنْكَرَهُما جَمِيعًا، فالقولُ قولُه مع يَمِينِه. وإن أنْكَرَ أحَدَهما، وصَدَّقَ الآخَرَ، سُلِّمَ إلى من صَدَّقَهُ، وحُلِّفَ الآخَرُ. وإن قال: لا أعْلَمُ عَيْنَ المُرْتَهِنِ منهما. حَلَفَ على ذلك، والقولُ قولُ مَن هو فى يَدِه منهما مع يَمِينِه. وإن كان فى أَيْدِيهِما، حَلَفَ كلُّ واحِدٍ منهما على نِصْفِه، وصَارَ رَهْنًا عندَه. وإن كان فى يَدِ غَيْرِهِما، أَقْرَعَ بينهما، فمن قَرَعَ صَاحِبَه، حَلَفَ وأخَذَهُ، كما لو ادَّعَيَا مِلْكَه. ولو قال: رَهَنْتُه عند أحَدِهِما، ثم رَهَنْتُه للآخَرِ، ولا أعْلَمُ السَّابِقَ منهما. فكذلك. وإن قال: هذا هو السَّابِقُ بالعَقْدِ والقَبْضِ. سُلِّمَ إليه، وحَلَفَ لِلآخَرِ. وإن نَكَلَ والعَبْدُ فى يَدِ الأَوَّلِ، أو يَدِ غيرِه، فعليه قِيمَتُه للثَّانِى، كما لو قال: هذا العَبْدُ لِزَيْدٍ، وغَصَبْتُه من عَمْرٍو. فإنَّه يُسَلَّمُ إلى زَيْدٍ، ويَغْرَمُ قِيمَتَه لِعَمْرٍو. وإن نَكَلَ والعَبْدُ فى يَدِ الثانى، أُقِرَّ فى يَدِه، وغَرِمَ قِيمَتَه لِلْأوَّلِ؛ لأنَّه أقَرَّ له بعدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>