للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلِيٍّ، رَضِىَ اللهُ عَنْهُ: لو كان الدِّينُ بالرَّأْىِ لَكان أسْفَلُ الخُفِّ أَوْلَى بالمَسْحِ مِنْ أَعْلَاهُ (٢)، وقد رأيتُ رسولَ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَمْسَحُ ظَاهِرَ خُفَّيْهِ. رواهُ أبو داود (٣). وعن المُغِيرَةِ قال: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَمْسَحُ على الخُفَّيْنِ عَلَى ظَاهِرِهمَا. رواهُ أبو داود، والتِّرْمِذِىُّ، وقال: حدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ (٤). وعَن عمرَ، قال: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَأْمُرُ بالمَسْحِ عَلَى ظَاهِرِ الخُفَّيْنِ إذا لَبِسَهُمَا وهما طَاهِرَتَانِ. رواهُ الخَلَّالُ بإسْنَادِهِ. ولأنَّ بَاطِنَه ليس بِمَحَلٍّ لِفَرْضِ المَسْحِ، فلم يكنْ مَحَلًّا لِمَسْنُونِهِ، كَساقِهِ، ولأنَّ مَسْحَهُ غيرُ وَاجِبٍ، ولا يَكَادُ يَسْلَمُ مِنْ مُبَاشَرَةِ أذًى فيه، تَتَنَجَّسُ يَدُه به، فكان تَرْكُهُ أوْلَى، وحَدِيثُهُم مَعْلُولٌ، قالَهُ التِّرْمِذِىُّ. قال: وسَأَلْتُ أَبَا زُرْعَة، ومُحمدًا -[يَعْنِى البُخَارِىَّ] (٥) - عنه فقالا: ليس بِصَحِيحٍ (٦). وقال أحمدُ: هذا مِنْ وَجْهٍ ضَعِيفٍ، رواهُ رَجَاءُ بنُ حَيْوَةَ، عن وَرَّادٍ (٧) كاتبِ المُغِيرَةِ، ولم يَلْقَه. وأَسْفَلُ الخُفِّ ليس بِمَحَلٍّ لِفَرْضِ المَسْحِ، بِخِلافِ أعْلَاهُ.

فصل: والمُجْزِئُ في المَسْحِ أنْ يَمْسَحَ أكثرَ مُقَدَّمِ ظاهِرِهِ خِطَطًا (٨) بالأصَابِعِ، وقال الشَّافِعِىُّ: يُجْزِئُهُ أقلُّ ما يَقَعُ عليْه اسْمُ المَسْحِ؛ لأنَّه أطْلَقَ لَفْظَ المَسْحِ، ولم يُنْقَلْ فيه تَقْدِيرٌ، فوَجَبَ الرُّجُوعُ إلى ما يَتَنَاوَلُهُ الاسْمُ. وقال أبو حَنِيفة: يُجْزِئُه قَدْرُ ثَلَاثِ أصَابِعَ؛ لِقَوْلِ الحسنِ: سُنَّةُ المَسْحِ خطط بالأصابِعِ. فيَنْصَرِفُ إلى سُنَّةِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأقَلُّ لَفْظِ الجَمْعِ ثَلَاثٌ. ولَنا، أنَّ لَفْظَ المَسْحِ وَرَدَ مُطْلَقًا، وفَسَّرَهُ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بفِعْلِه، فيَجِبُ الرُّجُوعُ إلى تَفْسِيرِه، وقد رَوَى الخَلَّالُ، بإسْنادِهِ، عن


(٢) في م: "ظاهره".
(٣) في: باب كيف المسح، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود ١/ ٣٦، ٣٧. وأخرجه الترمذي أيضًا، في: باب في المسح على الخفين ظاهرهما، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذى ١/ ١٤٧.
(٤) انظر: التخريج السابق.
(٥) سقط من: الأصل.
(٦) انظر: عارضة الأحوذى ١/ ١٤٦، ١٤٧.
(٧) أبو سعيد ورَّاد الثقفى، كاتب المغيرة بن شعبة ومولاه. انظر ترجمته في: تهذيب التهذيب ١١/ ١١٢.
(٨) في م: "خطوطا". والمثبت في: الأصل، ويأتي بعد سطور قول الحسن.
وخططا: أي علامات، من قولهم خط الدار خطَّة، أي احتجز أرضها وعلَّم عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>