للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحَجَّ الأصْلِىَّ وَاجِبٌ على الفَوْرِ، فهذا أوْلَى؛ لأنَّه قد تَعَيَّنَ بِالدُّخُولِ فيه، والوَاجِبُ بِأصْلِ الشَّرْعِ لم يَتَعَيَّنْ بذلك.

فصل: ويُحْرِمُ بِالقَضاءِ مِن أبعَدِ المَوْضِعَيْنِ: المِيقَاتِ، أو مَوْضِعِ إحْرَامِه الأوَّلِ؛ لأنَّه إن كان المِيقاتُ أبْعَدَ، فلا يجوزُ له تَجاوُزُ المِيقاتِ بغيرِ إحْرامٍ، وإن كان مَوْضِعُ إحْرَامِه أبْعَد، فعليه الإحْرَامُ بِالقَضاءِ منه. نَصَّ عليه أحمدُ. ورُوِىَ ذلك عن ابنِ عَبَّاسٍ، وسَعِيدِ بن المُسَيِّبِ، والشَّافِعِىِّ، وإسحاقَ. واخْتَارَهُ ابنُ المُنْذِرِ. وقال النَّخَعِىُّ: يُحْرِمُ من مَوْضِعِ الجِماعِ؛ لأنَّه مَوْضِعُ الإفْسادِ. ولَنا، أنَّها عِبَادَةٌ فكان قَضاؤُها على حَسَبِ أدَائِها، كالصلاةِ.

فصل: وإذا قَضَيَا، تَفَرَّقَا من مَوْضِعِ الجِماعِ حتى يَقْضِيَا حَجَّهُما. رُوِىَ هذا عن عمرَ، وابنِ عَبَّاسٍ. [ورَوَى سَعِيدٌ، والأثْرَمُ، بإسْنَادَيْهِمَا عن عمرَ، أنَّه سُئِلَ عن رَجُلٍ وَقَعَ بِامْرَأتِه، وهما مُحْرِمَانِ. فقال: أتِمَّا حَجَّكُمَا، فإذا كان عَامُ قَابِلٍ، فحُجَّا وأهْدِيَا، حتى إذا بَلَغْتُما المَكَانَ الذى أصَبْتُما فيه ما أصَبْتُما، فتَفرَّقَا حتى تحِلَّا (٨). ورَوَيَا عن ابنِ عَبَّاسٍ (٨) مِثْلَ ذلك] (٩). وبه قال سَعِيدُ بنُ المُسَيَّبِ، وعَطاءٌ، والنَّخَعِىُّ، والثَّوْرِىُّ، والشَّافِعِىُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. ورُوِىَ عن أحمدَ، أنَّهما يَتَفَرَّقَانِ من حيثُ يُحْرِمَانِ حتى يَحِلَّا. ورَوَاهُ مَالِكٌ فى "المُوَطَّإِ" (١٠) عن علىٍّ رَضِىَ اللَّه عنه. ورُوِىَ عن ابنِ عَبَّاسٍ. وهو قَوْلُ مَالِكٍ؛ لأنَّ التَّفْرِيقَ بينهما خَوْفًا (١١) من مُعَاوَدَةِ المَحْظُورِ، وهو يوُجَدُ فى جَمِيعِ إحْرَامِهما. ووَجْهُ الأوَّلِ أنَّ ما قبلَ مَوْضِعِ الإفْسادِ كان إحْرَامُهما فيه صَحِيحًا، فلم يَجِبِ التَّفَرُّقُ فيه،


(٨) تقدم التخريج فى صفحة ١٦٦، وفيه عن عمر، وابن عمر.
(٩) سقط من الأصل.
(١٠) فى: باب هدى المحرم. . .، من كتاب الحج. الموطأ ١/ ٣٨١، ٣٨٢.
كما أخرجه البيهقى، فى: باب ما يفسد الحج، من كتاب الحج. السنن الكبرى ٥/ ١٦٧.
(١١) كذا بالنصب، أى: يقع خوفا من معاودة المحظور.

<<  <  ج: ص:  >  >>