للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النِّكاحِ (٥٣). ورَوت عائشةُ؛ أَنَّ أبا بكرٍ دخلَ عليها وعندَها جارِيَتانِ فى أيَّام مِنًى تَدُفَّانِ وتضْرِبَانِ، والنَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مُتَغشٍّ بثَوْبِه، فانْتَهرَهُمَا أبو بكرٍ، فكَشَفَ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن وَجْهِه، فقال: "دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّهَا أَيامُ عِيْدٍ". مُتَّفَقٌ عليه (٥٤).

فصل: واتِّخاذُ آنِيَةِ الذَّهبِ والفِضَّةِ مُحَرَّمٌ، فإذا رآه المَدْعُوُّ فى منزلِ الدَّاعِى، فهو مُنْكَرٌ يخْرُجُ مِن أجْلِه. وكذلك ما كان مِن الفضَّةِ مُسْتَعْمَلًا كالمُكْحُلَةِ ونحوها. قال الأَثْرَمُ: سُئلَ أحمدُ: إذا رَأى حَلْقَةَ مِرآةٍ فِضَّةً، ورأسَ مُكْحَلَةٍ، يخْرُجُ مِن ذلك؟ فقالَ: هذا تأويلٌ تأوَّلْتُه، وأمَّا الآنِيَةُ نفسُها فليسَ فيها شَكٌّ. وقال: ما لا يُسْتعْمَلُ فهو أسْهَلُ، مِثلُ الضَّبَّةِ فى السِّكِّينِ والقَدَحِ؛ وذلك لأنَّ رُؤْيةَ المُنْكَرِ كسَماعِه، فكما لا يجلسُ فى مَوْضِعٍ يسْمعُ فيه صوتَ الزَّمْرِ، لا يجلسُ فى موضِعٍ يَرَى فيه مَنْ يشربُ الخمرَ وغيرَه مِن المنكرِ.

فصل: وإِنْ علمَ أَنَّ عندَ أهلِ الوَلِيمةِ مُنْكرًا، لا يَراهُ ولا يسْمَعُه، لِكَوْنِه بمَعْزِلٍ عن مَوْضِعِ الطَّعامِ، أو يخفُونَه وقتَ حُضُورِه، فلَه أَنْ يحضُرَ ويأكلَ. نصَّ عليه أحمدُ، وله الامْتِناعُ مِن الحضُورِ (٥٥) فى ظاهرِ كلامِه؛ فإنَّه سُئل عن الرَّجلِ يُدْعَى إلى الخِتَانِ أو العُرْسِ، وعندَه المُخنَّثُونَ، فيدعُونَه (٥٦) بعدَ ذلك بيومٍ أو ساعةٍ، وليسَ عندَه أولئك؟ قال: أرْجُو أَنْ لا يأثمَ إنْ لم يُجِبْ، وإِنْ أجابَ فأرجو أَنْ لا يكُونَ آثمًا. فأسقطَ الوُجوبَ؛ لإسقاطِ الدَّاعِى حُرْمةَ نفسِه باتِّخاذِ المنكرِ، ولم يَمْنَعِ الإِجابةَ؛ لكَوْنِ


(٥٣) تقدم تخريجه فى ٩/ ٤٦٨.
(٥٤) أخرجه البخارى، فى: باب الحراب والدرق يوم العيد، من كتاب العيدين، وفى: باب قصة الحبش وقول النبى -صلى اللَّه عليه وسلم-: يا بنى أرفدة، من كتاب المناقب. صحيح البخارى ٢/ ٢٠، ٤/ ٢٢٥. ومسلم، فى: باب الرخصة فى اللعب. . .، من كتاب العيدين ٢/ ٦٠٨.
كما أخرجه النسائى، فى: باب الاستماع إلى الغناء وضرب الدف ويوم العيد، من كتاب العيدين. المجتبى ٤/ ١٦٠. والإمام أحمد، فى: المسند ٦/ ٨٤.
(٥٥) فى الأصل: "حضوره".
(٥٦) فى النسخ: "فيدعوه".

<<  <  ج: ص:  >  >>