للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُسْرَتُه، ويَحْصُلُ الجَمْعُ بين الحَقَّيْنِ، فكان أَوْلَى.

فصل: وإذا وَجَبَتِ الشُّفْعةُ، قضَى القاضِى بها، والشِّقْصُ في يَدِ البائِعِ، ودَفَعَ الثمَنَ إلى المُشْتَرِى، فقال البائِعُ للشَّفِيعِ: أقِلْنِى. فأقَالَه، لم تَصِحَّ الإِقَالَةُ؛ لأنَّها تَصِحُّ بين المُتَبايِعَيْنِ، وليس بين الشَّفِيعِ والبائِعِ بَيْعٌ، وإنَّما هو مُشْتَرٍ من المُشْتَرِى. فإن باعَهُ إيّاهُ، صَحَّ البَيْعُ (٢٢)؛ لأنَّ العَقَارَ يجوزُ التَّصَرُّفُ فيه قبلَ قَبْضِه.

٨٧٦ - مسألة؛ قال: (ولِلصَّغِيرِ إذَا كَبِرَ الْمُطَالَبةُ بالشُّفْعَةِ)

وجملةُ ذلك، أنَّه إذا بِيعَ في شَرِكَةِ الصَّغِيرِ شِقْصٌ، ثَبَتَتْ (١) له الشُّفْعَةُ، في قولِ عامّةِ الفُقَهاءِ، منهم الحَسَنُ، وعَطَاءٌ، ومالِكٌ، والأَوْزَاعِىُّ، والشّافِعِىُّ (٢)، وسَوَّارٌ، والعَنْبَرِىُّ، وأصْحَابُ الرَّأْى. وقال ابنُ أبي لَيْلَى: لا شُفْعَةَ له. ورُوِى ذلك عن النَّخَعِىِّ، والحارِثِ العُكْلِىِّ؛ لأنَّ الصَّبِىَّ لا يُمْكِنُه الأَخْذُ، ولا يُمْكِنُ انْتِظَارُه حتى يَبْلُغَ. لما فيه من الإِضْرَارِ بالمُشْتَرِى، وليس للوَلِىِّ الأَخْذُ؛ لأنَّ مَنْ لا يَمْلِكُ العَفْوَ لا يَمْلِكُ الأخْذَ. ولَنا، عُمُومُ الأحادِيثِ، ولأنَّه خِيَارٌ جُعِلَ لإِزَالةِ الضَّرَرِ عن المالِ، فيَثْبُتُ في حَقِّ الصَّبِىِّ كخِيَارِ الرَّدِّ بالعَيْبِ. وقولُهم: لا يُمْكِنُ الأَخْذُ. غيرُ صَحِيحٍ؛ فإنَّ الوَلِىَّ يَأخُذُ بها، كما يَرُدُّ المَعِيبَ. قولُهم: لا يُمْكِنُه العَفْوُ. يَبْطُلُ بالوَكِيلِ فيه، وبالرَّدِّ بالعَيْبِ، فإنَّ وَلِىَّ الصَّبِىِّ (٣) لا يُمْكِنُه العَفْوُ، ويُمْكِنُه الرَّدُّ. ولأنَّ في الأَخْذِ تَحْصِيلًا لِلْمِلْكِ للصَّبِىِّ، ونَظَرًا له، وفى العَفْوِ تَضْيِيعٌ وتَفْرِيطٌ في حَقِّه، ولا يَلْزَمُ من مِلْكِ ما فيه الحَظُّ مِلْكُ ما فيه تَضْيِيعٌ، ولأنَّ العَفْوَ إسْقَاطٌ لِحَقِّه، والأَخْذَ اسْتِيفَاءٌ له، ولا يَلْزَمُ من مِلْكِ الوَلِىِّ اسْتِيفَاءَ حَقِّ المُوَلَّى عليه، مِلْكُ إسْقَاْطه، بِدَلِيلِ سائِر حُقُوقِه ودُيُونِه.


(٢٢) سقط من: الأصل، ب.
(١) في ب: "يثبت".
(٢) سقط من: الأصل.
(٣) في م: "الصبر" خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>