للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استقَرَّتْ على الأوَّلِ الدِّيَةُ أو القِصاصُ؛ لأنَّهُ أَذْهَبَ البصَرَ فلم يَعُدْ، وعلى الثَّانى حُكُومَةٌ؛ لأنَّه أذْهَبَ عَيْنًا لا ضَوْءَ لها، يُرْجَى [عَوْدُ ضَوْئِها] (٤). وإنْ قالَ الأوَّلُ: عادَ ضَوْؤُها. وأنْكرَ الثَّانى، فالقولُ قولُ المُنْكِرِ؛ لأنَّ الأصْلَ معه، فإنْ صَدَّقَ المَجْنِىُّ عليه الأوَّلَ، سَقطَ حقُّهُ عنه، ولمْ يُقبَلْ قَوْلُه على الثاني. وإنْ قال أهلُ الخبْرَةِ: يُرجَى عَوْدُه، لكن لا نَعْرِفُ له مُدَّةً. وجَبَتِ الدِّيَةُ أو القِصَاصُ؛ لأنَّ انْتظارَ ذلكَ إلى غيرِ غَايةٍ يُفْضِى إلى إسْقاطِ مُوجَبِ الجنايةِ، والظَّاهرُ في الْبَصَرِ عَدمُ العَوْدِ، والأصْلُ يُؤيِّدُه، فإنْ عادَ قبْل اسْتيفاءِ الْواجبِ سَقط، وإنْ عاد بعدَ الاستيفاءِ، وجَبَ ردُّ ما أخذَ منه؛ لأنَّا تَبَيَّنَّا أنَّه لمْ يكُنْ واجبًا.

فصل: وإنْ جَنى عليه فنَقَصَ ضَوْءُ عَيْنَيْه، ففى ذلك حُكُومَةٌ. وَإن ادَّعى نقْصَ ضَوئِهما، فالقولُ قولُه مع يمِينِه؛ لأنَّه لا يُعْرَفُ ذلك إلَّا مِنْ جِهتِهِ. وإنْ ذَكرَ أنَّ إحْداهما نقصَتْ، عُصِبَتِ المريضَةُ، وأُطْلِقَتِ الصَّحيحَةُ، ونُصِبَ له شَخْصٌ ويتَباعَدُ (٥) عنه، فكُلَّما قال: رَأَيْتُه. فوصَفَ لَوْنَه، عُلِمَ صِدْقُه، حتى تَنْتهِىَ، فإذا انتْهَتْ رُؤْيتُه (٦)، عُلِمَ مَوْضِعُها، ثم تُشَدُّ الصَّحيحةُ، وتُطْلقُ المريضةُ، ويُنْصَبُ له شخصٌ، ثم يَذْهَبُ حتى تنْتَهِىَ رُؤيتُه، ثم يُدارُ الشَّخصُ إلى جانبٍ آخَرَ، فيُصْنَعُ به مِثْلُ ذلك، ثُم يُعْلَمُ (٧) عندَ المَسافتيْنِ، ويُذْرَعان، ويُقابَلُ بيْنهما، فإنْ (٨) كانَتا سَواءً، فقد صدَقَ، ويُنْظَرُ كم بين (٩) مسَافةِ رُؤْيةِ العليلةِ والصَّحيحةِ، ويُحْكمُ له مِن الدِّيَةِ بقَدْرِ ما بينهما، وإنْ اختلفَتِ المسافتانِ، فقد كذَبَ، وعُلم أنَّه قَصَّرَ مَسافةَ رُؤْيةِ المريضةِ لِيكْثُرَ الواجِبُ له، فيُرَدَّدُ حتى تَسْتوىَ المسافةُ بين الجانبيْنِ. والأَصْلُ في هذا، ما رُوى


(٤) في ب، م: "عودها".
(٥) في ب، م: "فيباعد".
(٦) سقط من: م.
(٧) في م: "يعلمه".
(٨) في ب، م: "فإذا".
(٩) سقط من: م. وفى ب: "نكن".

<<  <  ج: ص:  >  >>