للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا} (٢٧). ولأَنَّ الشُّهورَ جَمْعُ الكَثْرَةِ، وأَقَلُّه عَشَرَةٌ، فلا يُحْمَلُ على ما يُحْمَلُ عليه جَمْعُ القِلَّةِ.

١٨٣٩ - مسألة؛ قال: (وَلَوْ (١) حَلَفَ أَنْ يَقْضِيَهُ حَقَّهُ فِى وَقْتٍ، فَقَضَاهُ قَبْلَهُ، لَمْ يَحْنَثْ، إِذَا كَانَ أَرَادَ بيَمِينِهِ أَنْ لَا يُجاوِز ذلِكَ الوَقْتَ)

وبهذا قال أبو حنيفةَ، ومحمدٌ، وأبو ثوْرٍ. وقال الشافِعِىُّ: يَحْنَثُ إذا قَضاه قَبْلَه؛ لأنَّه تَرَكَ فِعْلَ ما حَلَفَ عليه مُخْتارًا، فحَنِثَ، كما لو قَضاهُ بعدَه. ولَنا، أَنَّ مُقْتَضَى هذه اليَمِينِ، تَعْجِيلُ القَضاءِ قبلَ خُروجِ الغدِ، فإذا قَضاهُ قبلَه، فقد قَضَى قبلَ خُروجِ الغدِ، وزادَ خَيْرًا، ولأَنَّ مَبْنَى الأيْمانِ على النِّيَّةِ، ونِيَّةُ هذا بيَمِينِه (٢) تَعْجِيلُ القَضاءِ قبلَ خروجِ الغَدِ، فتَعَلَّقَت يَمِينُه بهذا المَعْنَى، كما لو صرَّحَ به، فإنْ لم تكُنْ له نِيَّةٌ رُجِعَ إلى سبَبِ الْيَمِينِ، فإنْ كان (٣) يَقْتَضِى التَّعْجِيلَ، فهو كما لو نَواهُ؛ لأَنَّ السَّبَبَ يدُلُّ على النِّيَّةِ، وإِنْ لم يَنْوِ ذلك، ولا كان السَبّبَ يَقْتَضِيه، فظاهِرُ كلامِ الْخِرَقِىِّ، أنَّه لا يَبَرُّ إِلَّا بقَضائِه فى الغَدِ، ولا يَبَرُّ بقَضَائِه قبلَه. وقال القاضى: يَبَرُّ على كُلِّ حالٍ؛ لأَنَّ اليَمِينَ للحَثِّ على الفِعْلِ، فمتى عَجَّلَه، فقد أتَى بالمقْصودِ، فيَبَرُّ (٤)، كما لو نَوَى ذلك. والأَوَّلُ أصَحُّ، إِنْ شاءَ اللَّه؛ لأَنَّه تَرَكَ فِعْلَ ما [تَناوَلَتْه يَمِينُه] (٥) لَفْظًا، ولم تَصْرِفْها عنه نِيَّةٌ ولا سبَبٌ، فحَنِثَ، كما لو حَلَفَ لَيصُومَنَّ شعبانَ، فصامَ رجبًا. ويَحْتَمِلُ ما قالَهُ القاضِى فى القضاءِ خاصَّةً؛ لأنَّ عُرْفَ هذه اليَمِينِ فى القضاءِ التَّعْجِيلُ، فتَنْصَرِفُ (٦) اليَمِينُ المُطْلَقَةُ إليه.

فصل: فأَمَّا غيرُ قَضاءِ الحَقِّ، كأكْلِ شىءٍ، أو شُرْبِه، أو بَيْعِ شىءٍ، أو شِرائِه، أو


(٢٧) سورة التوبة ٣٦.
(١) فى م: "وإن".
(٢) فى م زيادة: "ترك".
(٣) فى ب، م: "كانت".
(٤) فى م: "فيه".
(٥) فى ب: "تناوله بيمينه".
(٦) فى م: "فتصرف".

<<  <  ج: ص:  >  >>