للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: "يَا أُنَيْسُ، اذْهَبْ إلى امْرَأَةِ هَذَا، فَإنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا". ولم يَحْضُرْها (٢٥). ولأنَّه حَدٌّ، فلم يَلْزَمْ أن يحضُرَه الإِمامُ، ولا البَيِّنَةُ، كسائِرِ الحُدُودِ، ولا نُسَلِّمُ أن تَخَلُّفَهم عن الحضُورِ، ولا امتِناعَهمْ من البَداءَةِ بِالرَّجْمِ، شُبْهَةٌ. وأمَّا قولُ علىٍّ، رَضِىَ اللَّه عنه، فهو على سبيلِ الاسْتِحْبابِ والفَضِيلَةِ. قال أحمدُ: سُنَّةُ الاعْتِرافِ أن يَرْجُمَ الإِمامُ ثم النَّاسُ. ولا نعلمُ خلافًا في اسْتِحْبابِ ذلك، والأصلُ فيه قولُ علىٍّ، رَضِىَ اللهُ عنه. وقد رُوِىَ في حديثٍ، روَاه أبو بكرٍ، عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ أنَّه رَجَمَ امرأةً، فحَفَرَ لها إلى الثَّنْدُوَةِ، ثم رماها بحصاةٍ مثلِ الحِمَّصَةِ، ثم قال: " ارْمُوا، واتَّقُوا الْوَجْهَ". أخرجَه أبو داودَ (٢٦).

فصل: ولا يُقامُ الحَدُّ على حامِلٍ حتى تضعَ، سَواءٌ كان الحملُ من زِنًى أو غيرِه. لا نعلَمُ في هذا خِلافًا. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمعَ أهلُ العلمِ على أنَّ الحامِلَ لا تُرْجَمُ حتى تَضَعَ. وقد رَوَى بُرَيْدَةُ، أنَّ امرأةً مِن بنى غامِدٍ قالتْ: يا رسولَ اللَّه، طَهِّرْنِى. قال: "وَمَا ذَاكَ؟ " قالَتْ: إنَّها حُبْلَىَ مِن زِنًى. قال: "أَنْتِ؟ " قالتْ: نعم. فقال لها: "ارْجِعِى حَتَّى تَضَعِى مَا فِي بَطْنِكِ". قال، فكفَلَها رجلٌ من الأنصارِ حتى وضعَتْ، قال: فأتَى النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: قد وضَعَتِ الغَامِدِيَّةُ. فقال: "إذًا لَا نَرْجُمُها، ونَدَعُ وَلَدَهَا صَغِيرًا لَيْسَ لهَ مَنْ تُرْضِعُهُ". فقامَ رجلٌ من الأنصارِ، فقال: إلىَّ رَضاعُه (٢٧) يا نَبِىَّ اللَّه، قال: فَرَجَمَها. روَاه مُسْلِمٌ، وأبو داودَ (٢٧). ورُوِىَ أنَّ امرأةً زَنَتْ في أيَّامِ عمرَ رَضِىَ اللهُ عنه، فَهَمَّ عمرُ برَجْمِها وهى حامِلٌ، فقالَ له مُعاذٌ: إن كان لك سَبِيلٌ عليها، فليس لك سَبِيلٌ على حَمْلِها. فقال: عَجَزَ النِّسَاءُ أنْ يَلِدْنَ


(٢٥) تقدم تخريجه، في صفحة ٣١٣.
(٢٦) تقدم تخريجه، في صفحة ٣١١.
(٢٧) في م: "إرضاعه".

<<  <  ج: ص:  >  >>