للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْكُمْ مَرِيضًا} (٣). أى بِرَأْسِه قُرُوحٌ، {أَوْ بِهِ أذًى مِنْ رَأْسِهِ} (٣). أى قَمْلٌ. ثم يَنْظُرُ؛ فإن كان الضَّرَرُ اللَّاحِقُ به من نَفْسِ الشَّعْرِ، مثل أن يَنْبُتَ فى عَيْنَيْه (٤)، أو طَالَ حَاجِبَاهُ فَغَطَّيَا عَيْنَيْهِ، فله قَلْعُ ما فى العَيْنِ، وقَطْعُ مَا اسْتَرْسَلَ على عَيْنَيْهِ، ولا فِدْيَةَ عليه؛ لأنَّ الشَّعْرَ آذَاهُ، فكان له دَفْعُ أَذِيَّتِه بغيرِ فِدْيَةٍ، كالصَّيْدِ إذا صَالَ عليه، وإن كان الأذَى من غيرِ الشَّعْرِ، لكن لا يَتَمَكَّنُ من إزالَةِ الأذَى إلَّا بإزَالَةِ الشَّعْرِ، كالقَمْلِ والقُرُوحِ بِرأْسِه، أو صُدَاعٍ بِرَأْسِه، أو شِدَّةِ الحَرِّ عليه لِكَثْرَةِ شَعْرِهِ، فعليه الفِدْيَةُ؛ لأنَّه قَطَعَ الشَّعْرَ لإِزَالَةِ ضَرَرٍ غَيْرِه، فأَشْبَهَ أَكْلَ الصَّيْدِ لِلْمَخْمَصَةِ. فإن قيلَ: فالقَمْلُ من ضَرَرِ الشَّعْرِ، والحَرُّ سَبَبُه كَثْرَةُ الشَّعْرِ. قُلنا: ليس القَمْلُ من الشَّعْرِ، وإنَّما لا يَتَمَكَّنُ من المُقَامِ فى الرَّأْسِ إلَّا به، فهو مَحَلٌّ له، لا سَبَبٌ فيه. وكَذَلِكَ الحَرُّ من الزَّمَانِ، بِدَلِيلِ أنَّ الشَّعْرَ يُوجَدُ في زَمَنِ البَرْدِ، فلا يَتَأَذَّى به، واللهُ أعلمُ.

٥٨٤ - مسألة؛ قال: (وَلَا يَقْطَعُ ظُفْرًا إلا أنْ يَنْكَسِرَ)

أجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ على أنَّ المُحْرِمَ مَمْنُوعٌ من قَلْمِ أَظْفَارِه، إلَّا من عُذْرٍ؛ لأنَّ قَطْعَ الأظْفَارِ إزَالَةُ جُزْءٍ يَتَرَفَّهُ به، فَحُرِّم، كإزَالَةِ الشَّعْرِ. فإن انْكَسَرَ، فله إزَالَتُه من غيرِ فِدْيَةٍ تَلْزَمُهُ. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ كُلُّ مَن نَحْفَظُ عنه من أهْلِ العِلْمِ، أنَّ لِلْمُحْرِمِ أنْ يُزِيلَ ظُفْرَهُ بِنَفْسِه إذا انْكَسَرَ. ولأنَّ ما انْكَسَرَ يُؤْذِيه ويُؤْلِمُه، فأشْبَهَ الشَّعْرَ النّابِتَ فى عَيْنِه، والصَّيْدَ الصَّائِلَ عليه. فإن قَصَّ أكْثَرَ ممَّا انْكَسَرَ، فعليه الفِدْيَةُ لذلك الزَّائِدِ، كما لو قَطَعَ من الشَّعْرِ أكْثَرَ ممَّا يَحْتَاجُ إليه. وإن احْتَاجَ إلى مُدَاوَاةِ قرْحَةٍ (١)، فلم يُمْكِنْهُ إلَّا بِقَصِّ أَظْفَارِه، فعليه الفِدْيَةُ لذلك. قال ابنُ


(٣) سورة البقرة ١٩٦.
(٤) فى أ، ب، م: "عينه".
(١) فى الأصل: "قروحه".

<<  <  ج: ص:  >  >>