للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيءٍ. وفي رِوَايةٍ أُخْرَى، أنَّه يَبْرَأُ، إلَّا أن يكونَ البائِعُ عَلِمَ بالعَيْبِ، فدَلَّسَه، واشْتَرَطَ البَرَاءَةَ. فعلى هذه الرِّوَايةِ، إن عَلِمَ الشَّفِيعُ باشْتِرَاطِ البَرَاءةِ، فحُكْمُه حُكْمُ المُشْتَرِى؛ لأنَّه دَخَلَ على شِرَائِه، فصارَ كمُشْتَرٍ ثانٍ اشْتَرَطَ (٥) البَرَاءةَ. وإن لم يَعْلَمْ ذلك، [فحُكْمُه حُكْمُ ما لو عَلِمَهُ] (٦) المُشْتَرِى دُونَ الشَّفِيعِ.

٨٨٣ - مسألة؛ قال: (والشُّفْعَةُ لا تُورَثُ، إلَّا أنْ يَكُونَ الْمَيِّتُ طَالَبَ بِهَا)

وجملةُ ذلك، أنَّ الشَّفِيعَ إذا ماتَ قبلَ الأَخْذِ بها، لم يَخْلُ من حالَيْنِ؛ أحَدهما، أن يموتَ قبلَ الطَّلَبِ بها، فتَسْقُطُ، ولا تَنْتَقِلُ إلى الوَرَثَةِ. قال أحمدُ: الموتُ يَبْطُلُ به ثلاثةُ أشْياء؛ الشُّفْعةُ، والحَدُّ إذا ماتَ المَقْذُوفُ، والخِيَارُ إذا ماتَ الذي اشْتَرطَ الخِيَارَ لم يَكُنْ لِلْوَرَثَةِ. هذه الثَّلَاثَةُ الأَشْياءِ إنَّما هي بالطَّلَبِ، فإذا لم يَطْلُبْ، فليس تَجِبُ، إلَّا أن يُشْهِدَ أَنِّى على حَقِّى من كذا وكذا، وأنِّى قد طَلَبْتُه، فإن ماتَ بعدَه، كان لِوَارِثِه الطَّلَبُ به. ورُوِىَ سُقُوطُه بالمَوْتِ عن الحَسَنِ، وابنِ سِيرِينَ، والشَّعْبِىِّ، والنَّخَعِىِّ. وبه قال الثَّوْرِىُّ، وإسحاقُ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وقال مالِكٌ، والشَّافِعِىُّ، والعَنْبَرِىُّ: يُورَثُ. قال أبو الخَطَّابِ، ويَتَخَرَّجُ لنا مثلُ ذلك؛ لأنَّه خِيَارٌ ثابِتٌ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عن المالِ، فيُورَثُ، كخِيَارِ الرَّدِّ بالعَيْبِ. ولَنا، أنَّه حَقُّ فَسْخٍ ثَبَتَ (١) لا لِفَواتِ جُزْءٍ، فلم يُورَثْ، كالرُّجُوعِ في الهِبَةِ، ولأنَّه نَوْعُ خِيَارٍ جُعِلَ للتَّمْلِيكِ، أشْبَهَ خِيَارَ القَبُولِ. فأمَّا خِيَارُ الرَّدِّ بالعَيْبِ، فإنَّه لِاسْتِدْراكِ جُزْءٍ فاتَ من المَبِيعِ. الحال الثاني، إذا طَالَبَ بالشُّفْعةِ ثم ماتَ. فإنَّ حَقَّ الشُّفْعةِ يَنْتَقِلُ إلى الوَرَثَةِ، قولًا واحدًا. ذَكَرَه أبو الخَطَّابِ. وقد ذَكَرْنا نَصَّ أحمدَ عليه. لأنَّ الحَقَّ يَتَقَرَّرُ بالطَّلَبِ، ولذلك لا يَسْقُطُ بتَأْخِيرِ الأخْذِ بعدَه، وقبلَه يَسْقُطُ. وقال القاضي: يَصِيرُ الشِّقْصُ مِلْكًا لِلشَّفِيعِ بِنَفْسِ المُطَالَبةِ. وقد


(٥) في الأصل: "لشرط".
(٦) في الأصل، ب: "فحكمه ما لو علم".
(١) في الأصل: "أثبت".

<<  <  ج: ص:  >  >>