للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتْبَعُها فى التَّدْبِيرِ، وَيعْتِقُ بوُجُودِ الصِّفَةِ، كما تَعْتِقُ هى.

فصل: إذا قال لعَبْدِه: إذا قرأْتَ القرآنَ، فأنتَ حُرٌّ بعدَ مَوْتِى. فقَرَأَ القرآنَ جَمِيعَه، صار مُدَترا، وإن قرَأَ بعضَه، لم يَصِرْ مُدَبَّرًا. وإن قال: إذا قرأتَ قُرْآنًا، فأنتَ حُرٌّ بعدَ مَوْتِى، فقرَأَ بعضَ القرآنِ، صار مُدَبَّرًا؛ لأَنَّه فى الأُولَى عَرَّفَه بالألفِ واللَّامِ المُقتَضِيَةِ للاسْتِغْراقِ، فعادَ إلى جَمِيعِه، وههُنا نَكَّرَه، فاقْتَضَى بعضَه. فإِن قيل: فقد قال اللَّهُ تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} (١٤). وقال: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا} (١٥). ولم يُرِدْ جَمِيعَه. قُلْنا: قَضِيّةُ اللَّفْظِ تَتَناوَلُ جَمِيعَه؛ لأنَّ الأَلِفَ واللَّامَ للاسْتِغْراقِ، وإنَّما حُمِلَ على بعضِه بدَلِيلٍ، فلا يُحْمَلُ على البعضِ فى غيرِ ذلك المَوْضعِ بغيرِ دليلٍ، ولأنَّ قَرِينةَ ألحالِ تَقْتَضِى قِراءةَ جَمِيعِه؛ لأنَّ الظاهِرَ أنَّه [أراد تَرْغِيبَه فى قِراءةِ القرآنِ، بتَعْلِيقِ (١٦) الحُرِّيَّةِ به، أو مُجازاتِه (١٧) على قِراءَتِه بالحُرِّيَّةِ، والظاهِرُ أنَّه] (١٨) لا يُجازى بهذا الأمرِ الكثيرِ (١٩)، ولا يُرَغّبُ به، إِلَّا فيما يَشُقُّ، أمَّا قِراءةُ (٢٠) آيةٍ أو آيَتَيْنِ فلا.

فصل: فإِن قال لعبدِه: إن شِئْتَ، فأنتَ حُرٌّ بعدَ مَوْتِى، أو إذا شِئْتَ، أو متى شِئْتَ، أو أىَّ وقتٍ شِئْتَ، فأنتَ حُرٌّ بعدَ مَوْتِى. فهو تَدْبِيرٌ بصِفَةٍ، فمتى شاءَ فى حَياةِ سَيِّدِه، صار مُدَبَّرًا، يَعْتِقُ بمَوْتِ سَيِّدِه، كما لو قال: إن دخلْتَ الدَّارَ، فأنتَ حُرٌّ بعدَ مَوْتِى. فدَخَلَها فى حياتِه. وإن مات السَّيِّدُ قبلَ مَشِيئَتِه، بَطَلَتِ الصِّفَةُ، كما لو مات فى المسألةِ الأُخْرَى قبلَ دُخُولَ الدَّارِ. وإن قال: متى شِئْتَ بعدَ مَوْتِى، فأنتَ حُرٌّ، أو أىَّ


(١٤) سورة النحل ٩٨.
(١٥) سورة الإسراء ٤٥.
(١٦) فى الأصل: "بتعلق".
(١٧) فى ب، م: "ومجازاته".
(١٨) سقط من: ب. نقل نظر.
(١٩) فى الأصل: "الكبير".
(٢٠) فى ب، م: "قراءته".

<<  <  ج: ص:  >  >>