للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا، يكونُ حُكْمُهم حكْمَ الأحْرارِ من حينَ أعْتَقَهم، فيكونُ كَسْبُهم لهم. وإن كانوا قد تصُرِّفَ فيهم ببَيْعِ، أو هِبَةٍ، أو رَهْنٍ، أو تَزْويجٍ بغيرِ إذْنٍ، كان ذلك باطلًا. وإن كانوا قد تَصَرَّفُوا، فحُكْمُ تَصَرَّفِهم حكمُ تصَرُّفِ الأحْرارِ، فلو تزَوّجَ عَبْدٌ منهم بغيرِ إذْنِ سَيِّدِه، كان نكاحُه صَحِيحًا، والمَهْرُ عليه واجبٌ، وإن ظَهَرَ له مالٌ بقَدْرِ قِيمَتِهم، عَتَقَ ثُلثاهُم؛ لأَنَّه (٣) ثُلثُ جميعِ المالِ، فيُقْرَعُ بين الاثْنَيْنِ اللَّذَيْنِ أوْقَفْناهما، فيَعْتِقُ أحَدُهما، ويَرِقُّ الآخَرُ، إِنْ كانا مُتَساوِييْنِ فى القِيمَةِ. وإن ظَهَرَ له مالٌ بقَدْرِ نِصْفِهم، عَتَقَ نِصْفُهم، وإن كان بِقَدْرِ ثُلثِهم، عَتَقَ أرْبعةُ أتْساعِهم، كلَّما ظَهَرَ له مالٌ، عَتَقَ من العَبْدينِ اللَّذَينِ رَقَّا بقَدْرِ ثُلثِه.

فصل: وإذا وَصَّى بعِتْقِ عبدٍ له يخْرُجُ مِن ثُلثِه، وجَبَ على الوَصِىِّ إعْتاقُه، فإن أوْصَى بذلك ورَثَتَه، لَنِرمَهم إعْتاقُه، فإن امْتَنَعُوا، أجْبَرَهُم السُّلطانُ، فإن أصَرُّوا على الامْتِناعِ، أعْتَقَه السلطانُ، أو مَن يَنُوبُ مَنَابَه، كالحاكمِ؛ لأنَّ هذا حَقٌّ للَّهِ تعالى وللعبدِ، ومَنْ وَجَبَ عليه ذلك، ناب السلطانُ عنه أو نائِبُه، كالزَّكاةِ (٤) والدُّيُونِ. فإذا أعْتَقَه الوارِثُ أو السلطانُ، عَتَقَ، وما اكْتَسَبه فى حَياةِ المُوصِى، [فهو للمُوصِى] (٥)، يكونُ من جُمْلةِ تَركَتِه إن بَقِىَ بعدَه؛ لأَنَّه كَسْبُ عَبْدِه القِنِّ، وما كَسَبَه بعدَ مَوْتِه وقبلَ إعْتاقِه، فهو للوارثِ. وقال القاضى: هو للعَبْدِ؛ لأَنَّه كَسَبَه بعدَ اسْتِقْرارِ سَبَبِ العِتْقِ فيه، فكان له، ككَسْبِ المُكاتَبِ. وقال بعضُ أصْحابِ الشَّافعىِّ: فيه قَوْلان، مَبْنِيَّانِ على القَوْلَيْنِ فى كَسْبِ العَبْدِ المُوصَى به قبل قَبُولِ الوَصِيَّةِ. ولَنا، أنَّه عبدٌ قِنٌّ، فكان كَسْبُه للوَرَثةِ، كغيرِ المُوصَى بعِتْقِه، وكالمُعَلَّقِ عِتْقُه بصِفَةٍ، وفارَق المُكاتَبَ؛ فإنَّه يَمْلِكُ كَسْبَه قبلَ عِتْقِه، فكذلك بعدَه. ويَبْطُلُ ما ذكَرُوه بأُمِّ الوَلدِ؛ فإِنَّ عِتْقَها قد اسْتَقَرَّ سَبَبُه فى حَياةِ سَيِّدِها، وكَسْبُها له. والمُوصَى به لا نُسَلِّمُه، وإن سَلَّمْناه، فالفَرْقُ بينَهما، أَنَّ المُوصَى به قد تحَقَّقَ فيه سَبَبُ المِلْكِ، وإنَّما وُقِفَ على شَرْطٍ هو القَبُولُ، فإذا


(٣) فى م: "لأنها".
(٤) فى ب: "كالوكالة".
(٥) سقط من: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>