للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٢٨٤ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا طَلَّقَ وَاحِدةً مِن نِسَائِه؛ وَأُنْسِيَهَا، أُخْرِجَتْ بِالْقُرْعَةِ)

أكثرُ أصْحابِنا عَلَى أنَّه إذا طلَّقَ امرأةً مِن نسائِه، وأُنْسِيَهَا، أنَّها تَخْرُجُ بالقُرعةِ، فَيَثْبُتُ حُكمُ الطَّلاقِ فيها، ويَحِلُّ له الباقياتُ. وقد رَوَى إسماعيلُ بنُ سعيدٍ، عن أحمدَ، ما يَدُلُّ على أَنَّ القُرْعةَ لا تُسْتعمَلُ ههُنا لمعرفةِ الحِلِّ، وإنَّما تُسْتعمَلُ لمعرفةِ الميراثِ، فإنَّه قال (١): سألتُ أحمدَ، عَن الرَّجُل، يُطَلِّقُ امْرأةً (٢) مِن نِسَائِه، ولا (٣) يَعْلَمُ أيَّتَهُنَّ طلَّقَ؟ قال: أكْرَهُ أن أقولَ فى الطَّلاق بالقُرْعة. قلتُ: أرأيتَ إنْ ماتَ هذا؟ قال: أقولُ بالقُرْعةِ. وذلك لأنَّه تَصِيرُ القُرعةُ على المالِ. وجَمَاعَةُ مَنْ رُوِىَ عنه القُرْعةُ فى المُطَلَّقَةِ الْمَنْسِيَّةِ إنَّما هو فى التَّوْريثِ، فأمَّا فى الحِلِّ فلا يَنْبغِى أَنْ يَثْبُتَ بالقُرْعةِ. وهذا قولُ أكثرِ أهلِ العلمِ، فالكلامُ إذن فى المسألةِ فى شَيْئينِ؛ أحدُهما، فى اسْتِعْمالِ القُرْعةِ فى المَنْسِيَّةِ للتَّوْريثِ. والثَّانى، فى اسْتعمالِهَا فيها للحِلِّ. أمَّا الأوَّلُ فوَجْهُه ما رَوَى عبدُ اللَّهِ بنُ حُمَيْدٍ، قال: سألتُ أبا جعفرٍ، عن رَجُلٍ قَدِمَ من خُرَاسَانَ، وله أرْبَعُ نِسْوةٍ، قَدِمَ البَصْرَةَ، فطَلّقَ إحْدَاهُنّ، ونَكَحَ، ثم ماتَ لا يَدْرِى الشُّهُودُ أيَّتَهُنَّ طَلَّقَ؟ فقال: قال علىُّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه: أُقْرِعُ بينَ الأرْبِعِ، وأُنْدِرُ (٤) مِنهُنَّ واحدةً، وأقْسِمُ بينَهُنَّ الميراثَ. ولأنّ الحقوقَ إذا تساوَتْ على وجهٍ لا يُمْكِنُ التَّمييزُ إلَّا بالقُرعةِ، صَحَّ اسْتِعْمالُها، كالشُّركاءِ فى القِسْمَةِ، والعَبِيدِ فى الحُرِّيَّةِ. وأمَّا القُرعةُ فى الحِلِّ فى المَنْسِيَّةِ، فلا يَصِحُّ استعمالُها؛ لأنَّه (٥) اشْتَبَهَتْ عليه زوجتُه، [فلم يَحِلَّ له إحْداهما بالقُرْعةِ، كما لو اشْتَبَهتْ] (٦) بأجْنَبِيَّةٍ لم يَكُنْ له عليها عَقْدٌ، ولأنَّ القُرْعَةَ لا تُزِيلُ التَّحْريمَ مِنَ


(١) فى ب، م: "قالت".
(٢) فى م: "امرأته".
(٣) فى أ: "ولم".
(٤) أى: أُسْقِط. وفى النسخ: "وأنذر".
(٥) فى أ: "لأنها".
(٦) سقط من: أ، ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>