للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والآخَرِ من غيرِه، وهما حَمْلٌ واحدٌ، ولا يجوزُ نَفْىُ الولدِ المُقَرِّ به عنه [مع إقْرارِه به] (٤٤)، فوَجَبَ إلْحاقُهُما به معًا. وكذلك إن أتَتْ أمَتُه التى لم يَعْتَرِفْ بوَطْئِها بتَوْأمَيْنِ، فاعْتَرفَ بأحَدِهما، ونَفَى الآخَرَ.

فصل: وإذا نَكَحَ امرأةً نِكاحًا فاسدًا، ثم قَذَفَها، وبَيْنَهُما ولدٌ يُرِيدُ نَفْيَه، فله أن يُلَاعِنَ لِنَفْيِه، ولا حَدَّ عليه. وإن لم يَكُنْ بينهما ولدٌ، حُدَّ ولا لِعَانَ بينهما. وبهذا قال الشافعىُّ. وقال أبو حنيفةَ: يَلْحَقُه الولدُ، وليس له نَفْيُه، ولا اللِّعانُ؛ لأنَّها أجْنَبيَّةٌ، فأشْبَهتْ سائرَ الأجْنبيَّاتِ، أو إذا لم يَكُنْ بينهما ولدٌ. ولَنا، أَنَّ هذا وَلَدٌ يَلْحَقُه بحُكْمِ عَقْدِ النِّكاحِ، فكان له نَفْيُه، كما لو كان النِّكاحُ صحيحًا، ويُفارِقُ إذا لم يكنْ وَلَدٌ، فإنَّه (٤٥) لا حاجةَ إلى القَذْفِ؛ لكَوْنِها أجْنبيَّةً، ويُفارِقُ سائرَ الأجْنبيَّاتِ؛ لأنَّه لا يَلْحَقُه وَلَدُهنَّ، فلا حاجةَ به إلى قَذْفِهِنَّ، ويُفارِقُ الزَّوْجةَ. فإنَّه يحْتاجُ إلى قَذْفِها مع عَدَمِ الولدِ، لكَوْنِها خانَتْه (٤٦) وغاظَتْه وأفْسَدَتْ فِرَاشَه، فإذا كان له منها ولدٌ، فالحاجةُ موجودةٌ فيهما، وإذا لَاعَنَ سَقَطَ الحَدُّ؛ لأنَّه لِعَانٌ مَشْروعٌ [نَفَى النَّسَبَ] (٤٧)، فأسْقَطَ الحَدَّ، كاللِّعانِ فى النِّكاح الصَّحيحِ. وهل يُثْبِتُ التحريمَ المُؤَبّدَ؟ فيه وَجْهان، أحدهما، يُثْبِتُه؛ لأنَّه لِعَانٌ صحيحٌ، أشْبَه لِعانَ الزَّوْجةِ. والثانى، لا يُثْبِتُه؛ لأنَّ الفُرْقةَ لم تَحْصُلْ به، فإنَّه لا نِكاحَ بينهما يَحْصُلُ قَطْعُه به، بخلافِ لِعانِ الزَّوجةِ، فإنَّ الفُرْقةَ حَصَلَتْ به. ولو لَاعَنَها من غيرِ وَلدٍ، لم يُسْقِطِ الحدَّ، ولم يُثْبِتِ التَّحْرِيمَ المُؤَبّدَ؛ لأنَّه لِعانٌ فاسدٌ، فلم تَثْبُتْ أحكامُه. وسَواءٌ اعْتقدَ أَنَّ النِّكاحَ صحيحٌ أو لم يعتقدْ ذلك؛ لأنَّ النِّكاحَ فى نفسِه ليس بنكاحٍ صحيح، فأشْبَهَ ما لو لَاعَنَ أجنبيةً يَظُنُّها زَوْجَتَه.


(٤٤) فى أ: "فوقع إقراره".
(٤٥) فى أ: "لأنه".
(٤٦) فى م: "خالته" تحريف.
(٤٧) فى م: "لنفى الحد".

<<  <  ج: ص:  >  >>