للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوَاحِدِ الذى حَصَلَ الانْفِرَادُ فى أحَدِ طَرَفَيْهِ. فإن كان لِكُلِّ واحِدٍ منهما أرْبَعُونَ مُخْتَلِطَة مع مَالٍ آخَرَ، فَتَبَايَعاها، وبقَّياها مُخْتَلِطَةً، لم يَبْطُلْ حُكْمُ الخُلْطَةِ. وإن اشْتَرَى أحَدُهما بالأرْبَعِينَ المُخْتَلِطَة أرْبَعِينَ مُنْفَرِدَةً، وخَلَطَها فى الحالِ، احْتَمَلَ أن يُزَكِّىَ زكاةَ الخُلْطَةِ؛ لأنَّه ينْبنِى (٢٩) حَوْلُها على حَوْلِ مُخْتَلِطَةٍ، وزَمَنُ الانْفِرَادِ يَسِيرٌ، فعُفِىَ عنه، واحْتَمَلَ أن يُزَكِّىَ زكاةَ المُنْفَرِدِ، لِوُجُودِ الانْفِرَادِ فى بعضِ الحَوْلِ.

فصل: وإذا كان لِرَجُلٍ أرْبَعُونَ شَاةً، ومَضَى عليها بَعْضُ الحَوْلِ، فباعَ بَعْضَها مَشَاعًا فى بَعْضِ الحَوْلِ. فقال أبو بكرٍ: يَنْقَطِعُ الحَوْلُ، ويَسْتَأْنِفَانِ حَوْلًا من حِينِ البَيْعِ؛ لأنَّ النِّصْفَ المُشْتَرَى قد انْقَطَعَ الحَوْلُ فيه، فكأنَّهُ لم يَجْرِ فى حَوْلِ الزكاةِ أصْلًا، فلَزِمَ انْقِطَاعُ الحَوْلِ فى الآخَرِ. وقال ابْنُ حَامِدٍ: لا يَنْقَطِعُ الحَوْلُ فيما بَقِىَ لِلْبَائِعِ؛ لأنَّ حُدُوثَ الخُلْطَةِ لا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الحَوْلِ، فلا يَمْنَعُ اسْتِدَامَتَهُ، ولأنَّه لو خَالَطَ غيرَه فى جَمِيعِ الحَوْلِ، وَجَبَتِ الزَّكَاةُ، فإذا خالَطَ فى بَعْضِه نَفْسَه، وفى بَعْضِه غيرَه، كان أوْلَى بالإيجَابِ، وإنَّما بَطَلَ حَوْلُ المَبِيعَةِ لانْتِقَالِ المِلْكِ فيها، وإلَّا فهذه العِشْرُونَ لم تَزَلْ مُخَالِطَةً لِمَالٍ جَارٍ فى الزكاةِ، وهكذا الحُكْمُ فيما إذا عَلَّمَ على بَعْضِها وبَاعَهُ مُخْتَلِطًا. فأمَّا إن أَفْرَدَ بعضَها وبَاعَهُ، فخَلَطَهُ المُشْتَرِى فى الحالِ بِغَنَمِ الأوَّل، فقال ابْنُ حامِدٍ: يَنْقَطِعُ الحَوْلُ، لِثُبُوتِ حُكْمِ الانْفِرَادِ فى البَعْضِ. وقال القاضى: يَحْتَمِلُ أن يكونَ كما لو بَاعَها مُخْتَلِطَةً؛ لأنَّ هذا زَمَنٌ يَسِيرٌ. وهكذا (٣٠) الحُكْمُ فيما إذا كانت الأرْبَعُونَ لِرَجُلَيْنِ، فبَاعَ أحَدُهما نَصِيبَه أجْنَبِيًّا، فعلى هذا إذا تَمَّ حَوْلُ الأوَّل فعليه نِصْفُ شَاةٍ، ثم إذا تَمَّ حَوْلُ الثَّانِى نَظَرْنَا فى البَائِعِ، فإنْ كان أخْرَجَ الزكاةَ من غيرِ المالِ فلا شىءَ على المُشْتَرِى؛ لأنَّ النِّصابَ نَقَصَ فى بعضِ الحَوْلِ، إلَّا أن يكونَ الفَقِيرُ مُخالِطًا لهما بالنِّصْفِ الذى صارَ له، فلا يَنْقُصُ النِّصابُ إذًا، ويُخْرِجُ الثَّانِى


(٢٩) فى م: "يبنى".
(٣٠) فى م: "وهذا".

<<  <  ج: ص:  >  >>