للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَقارَه لغيرِ غِبْطَةٍ ولا حاجةٍ. وإن لم يَعْلَمْ بالعَيْبِ، صَحَّ، كما لو اشْتَرَى لهم مَعِيبًا لا يَعْلَمُ عَيْبَه، ويَجِبُ عليه الفَسْخُ إذا عَلِمَ؛ لأنَّ عليه النَّظَرَ لهم بما فيه الحظُّ، والحظُّ فى الفَسْخِ. ويَحْتَمِلُ أن لا يَصِحَّ النِّكاحُ؛ لأنَّه زَوَّجَهُم ممَّن لا يَمْلِكُ تَزْوِيجَهُم إيَّاه، فلم يَصِحَّ، كما لو زَوَّجَهُم مِمَّن (٦) يَحْرُمُ عليهم.

فصل: وليس له تَزْوِيجُ كَبِيرَةٍ بمَعِيبٍ بغيرِ رِضَاها. بغير خلافٍ نَعْلَمُه؛ لأنَّها تَمْلِكُ الفَسْخَ إذا عَلِمَتْ به بعدَ العَقْدِ، فالامْتِناعُ أَوْلَى. وإن أرادتْ أن تتَزَوّجَ مَعِيبًا، فله مَنْعُها، فى أحدِ الوَجْهينِ. قال أحمدُ: ما يُعْجِبُنِى أن يُزَوِّجَها بعِنِّينٍ، وإن رَضِيَتِ الساعةَ تكْرَهُه (٧) إذا دَخَلَتْ عليه؛ لأنَّ من شَأْنِهِنّ النِّكاحُ، ويُعْجِبُهُنَّ من ذلك ما يُعْجِبُنا. وذلك لأنَّ الضَّرَرَ فى هذا دائمٌ، والرِّضَى غيرُ مَوْثوقٍ بدَوَامِه، ولا يتَمَكَّنُ من التَّخَلُّصِ إذا كانت عالِمةً فى ابْتِداءِ العَقْدِ، وربَّما أفْضَى إلى الشِّقَاقِ والعَدَاوةِ، فيَتَضَرَّرُ وَلِيُّها وأَهْلُها، فمَلَكَ الوَلِىُّ مَنْعَها، كما لو أرادتْ نِكاحَ مَنْ ليس بكُفْءٍ. والثانى، ليس له مَنْعُها؛ لأنَّ الحَقَّ لها. وقال القاضى: له مَنْعُها من نِكاحِ المجنونِ، وليس له منعُها من نكاحِ المَجْبُوبِ والعِنِّينِ؛ لأنَّ ضَرَرَهُما عليها خاصَّةً. وفى الأبْرَصِ والمَجْذُومِ وَجْهانِ؛ أحدهما، لا يَمْلِكُ مَنْعَها؛ لأنَّ الحَقَّ لها، والضَّرَرَ عليها، فأشْبَها المَجْبُوبَ والعِنِّينَ. والثانى، له مَنْعُها؛ لأنَّ عليه ضَررًا منه (٨)، فإنَّه (٩) يُعَيَّرُ (١٠) به، ويخْشَى تَعَدِّيه إلى الوَلَدِ، فأشْبَهَ التَّزْويجَ بمَن (١١) لا يُكَافِئُها. وهذا مذهبُ الشافعىِّ. والأَوْلَى أَنَّ له مَنْعَها فى جميعِ الصُّوَرِ؛ لأنَّ عليها فيه ضَرَرًا دائمًا، وعارًا عليها وعلى أهْلِها، فمَلَكَ


(٦) فى أ، ب، م: "بمن".
(٧) فى الأصل، م: "تكره".
(٨) سقط من: الأصل، م.
(٩) فى الأصل، ب: "لأنه".
(١٠) فى أ، ب، م: "يتغير".
(١١) فى م: "لمن".

<<  <  ج: ص:  >  >>