للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أىِّ حالٍ شاءَ. ويَحْتَمِلُ أَنْ لا يَعْتِقَ حتى يشاءَ. وهو قولُ أبى يوسفَ، ومحمدٍ؛ لأنَّ المَشِيئةَ تَقْتَضِى الخِيارَ، فتَقْتَضِى أن لا يَعْتِقَ قبلَ اخْتيارِه، كما لو قال: أنتَ حُرٌّ متى شِئْتَ. لأنَّ "كيف" تُعْطِى [ما تُعْطِى] (١٩) "مَتَى"، و"أىّ"، فحُكْمُها حُكْمُهُما. وقد ذكر أبو الخَطَّابِ فى الطَّلاق، أنَّه إذا قال لزَوْجَتِه: أنتِ طالِقٌ متى شِئْتِ، كيف شِئْتِ، وحيثُ شِئْتِ. لم تَطْلُقْ حتى تَشاءَ، فيَجِىءُ ههُنا مِثْلُه.

فصل: وتَعْلِيقُ العِتْقِ على أداءِ شىءٍ، يَنْقَسِمُ ثلاثةَ أقسامٍ، أحدها، تَعْلِيقٌ (٢٠) على صِفَةٍ مَحْضةٍ، كقوله: إن أدَّيْتَ إلىَّ ألْفًا، فأنتَ حُرٌّ. فهذه صِفَةٌ لازِمةٌ، لا سَبِيلَ إلى إبْطالِها؛ لأَنَّه ألْزَمَها نَفْسَه طَوْعًا، فلم يَمْلِكْ إبْطالَها، كما لو قال: إن دخلتَ الدارَ،

فأنتَ حُرٌّ. ولو اتّفَقَ السَّيِّدَ والعبدُ على إبْطالِها، لم تَبْطُلْ؛ لذلك (٢١). ولو أبْرَأه (٢٢) السَّيِّدُ من الألْفِ، لم يَعْتِقْ بذلك، ولم يَبْطُل الشَّرْطُ؛ لأنَّه لا حَقَّ له فى ذِمَّتِه يُبْرِئه منه، وإنَّما هو تَعْلِيقٌ على شَرْطٍ مَحْضٍ. وإن مات السَّيِّدُ، انْفَسَخَتِ الصِّفَةُ؛ لأنَّ مِلْكَه زال عنه، فلا يَنْفُذُ عِتْقُه فى مِلْكِ غيرِه. وإن زال مِلْكُه بِبَيْعِ أو هِبَةٍ، زالتِ الصِّفَةُ، فإن عاد إلى مِلْكِه، عادتْ (٢٣)، كما ذكرنا فيما قبلُ. ومتى وُجِدَتِ الصِّفَةُ، عَتَقَ، ولم يَحْتَجْ إلى تَحْدِيدِ إعْتاقٍ من جهَةِ السَّيِّدِ؛ لأَنَّه إزالةُ مِلْكٍ مُعَلَّقٍ (٢٤) على صِفَةٍ، وهو قابِلٌ للتَّعْليقِ، فيُوجدُ بوُجُودِ الصِّفَةِ، كالطَّلاقِ، وما يَكْسِبُه العَبْدُ قبلَ وُجُودِ الشَّرْطِ، فهو لسَيِّدِه؛ لأَنَّه لم يُوجَدْ عَقْدٌ يَمْنَعُ كَوْنَ كَسْبِه لسَيِّدِه، إِلَّا أَنَّ ما يَأْخُذُه السَّيِّدَ منه، يَحْسُبُه مِن الألْفِ التى أدَّاها، فإذا كَمَلَ أدَاؤُها عَتَقَ، وما فَضَلَ فى يَدِه لسَيِّدِه. وإن كان المُعَلّقُ عِتْقُه أمَةَ، فوَلَدَتْ، لم يَتْبَعْها ولَدُها. فى أحَدِ الوَجْهينِ؛ لأنَّها أمَةٌ قِنٌّ، فأشْبَهَ ما لو قال: إن دخَلْتِ الدَّارَ، فأنْتِ حُرّةٌ. ولا تَجِبُ عليها قِيمةُ نَفْسِها؛ لأنَّه عِتْقٌ من السَّيِّدِ بصِفَةٍ، فأشْبَهَ ما لو


(١٩) سقط من: الأصل.
(٢٠) فى ب، م: "تعليقه".
(٢١) فى م: "بذلك".
(٢٢) فى الأصل: "برأه".
(٢٣) فى أ، ب، م: "عاد".
(٢٤) فى الأصل: "متعلق". وفى ب: "تعلق".

<<  <  ج: ص:  >  >>