للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِعْلُ أحدِ الأمْرَيْن المُتقدِّمَيْن. وللشَّافعيِّ قَوْلان، كهذَيْن الوَجْهَيْنِ الأخِيرَيْنِ. وإن كذَّبه خَصْمُه، وقال: بل حُبِسْتَ بحقٍّ واجبٍ غيرِ هذا. فالقولُ قولُه؛ لأنَّ الظاهرَ حَبْسُه بحَقٍّ. الجوابُ الخامسُ، أن يقولَ: حُبِسْتُ ظُلْمًا، ولا حقَّ عليَّ. فيُنادِي مُنادِي الحاكمِ بذِكْرِ ما قالَه، فإن حضرَ رجلٌ فقال: أنا خَصْمُه. فأنْكَرَه، وكانت للمُدَّعِي بَيِّنَةٌ، كُلِّفَ الجوابَ على ما مَضَى، وإن لم تكُنْ له بَيِّنَةٌ، أو لم يظْهَرْ له خَصْمٌ، فالقولُ قولُه مع يَمِينِه أنَّه لا خَصْمَ له، أو لا حَقَّ عليه، ويُخْلَى سَبِيلُه.

فصل: ثم يَنْظُرُ في أمرِ الأوْصِيَاءِ؛ لأنَّهم يكونون ناظِرينَ في أمْوالِ اليَتامَى والمَجانينِ وتَفْرِقَةِ الوَصِيَّةِ بين المساكينِ، فيَقْصِدُهم الحاكمُ بالنَّظَرِ؛ لأنَّ المَنْظُورَ عليه لا يُمْكِنُه المطالبةُ بحقِّه، فإنَّ الصغيرَ والمجنونَ لا قولَ لهما، والمساكينَ لا يتَعيَّنُ الأخْذُ منهم، فإذا قدِمَ إليه الوَصِيُّ، فإن كان الحاكمُ قَبْلَه نَفَّذَ وَصِيَّتَه، لم يَعْزِلْه؛ لأنَّ الحاكمَ ما نفَّذَ وَصِيَّتَه إلَّا وقد عرَفَ أهْلِيَّتَه في الظَّاهرِ، ولكن يُراعِيه، فإن تغَيَّرتْ حالُه بفِسْقٍ أو ضَعْفٍ، أضافَ إليه أمِينًا قَوِيًّا يُعِينُه، وإنْ كان الأوَّلُ ما نَفَّذَ وَصِيَّتَه، نَظَرَ فيه، فإن كانَ أمِينًا قَويًّا، أقرَّه، وإن كان أمِينًا ضَعِيفًا، ضَمَّ إليه مَن يُعِينُه، وإنْ كان فاسِقًا، عزَلَه وأقامَ غيرَه. وعلى قولِ الْخِرَقِيِّ، يُضَمُّ إليه أمينٌ يَنْظُرُ عليه. وإن كان قد تصرَّفَ، أو فرَّقَ الوَصِيَّةَ، وهو أهلٌ للوَصِيَّةِ، نَفَّذَ تَصرُّفَه، وإن كان ليس بأهلٍ، وكان أهلُ الوَصِيَّةِ بالِغينَ عاقِلينَ مُعيَّنِينَ، صَحَّ الدَّفْعُ إليهم؛ لأنَّهم قَبَضُوا حُقوقَهم، وإن كانوا غيرَ مُعيَّنينَ، كالفقراءِ والمساكينِ، ففيه وَجْهان؛ أحدهما، عليه الضمانُ، ذكرَه القاضي، وأصْحابُ الشافعيِّ؛ لأنَّه ليس له التَّصَرُّفُ. والثاني، لا ضَمانَ عليه؛ لأنَّه أوْصَلَه إلى أهلِه. كذلك إن فَرَّقَ الوَصِيَّةَ غيرُ المُوصَى إليه بتَفْرِيقها (٦٧)، فعلى وَجْهَيْنِ.

فصل: ثم يَنْظُرُ في أُمَناءِ الحاكمِ، وهم مَن رَدَّ إليهم الحاكمُ النَّظَرَ في أمرِ الأطفالِ، وتَفْرِقةِ الوَصايا التي لم يُعَيَّنْ لها وَصِيٌّ، فإن كانوا بحالهِم، أقَرَّهم؛ لأنَّ الذي


(٦٧) في الأصل: "بتفرقتها".

<<  <  ج: ص:  >  >>