للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الولادةِ قبلَ تَسْلِيمِه إليها أو بعدَه، إلَّا أن يكونَ قد مَنَعَها قَبْضَه، فيكونَ النَّقْصُ من ضَمانِه، والزيادةُ لها، فتَنْفَرِدُ بالأوْلادِ. وإن نَقَصَتِ الأُمَّهاتُ، خُيِّرَتْ بين أخْذِ نِصْفِها ناقصةً، وبين أخْذِ نصفِ قيمَتِها أكثرَ ما كانت من يوم أصْدَقَها إلى يوم طَلَّقَها. وإن أراد الزَّوْجُ أخْذَ نِصْفِ قيمةِ الأُمَّهاتِ من المرأةِ، لم يَكُنْ له ذلك. وقال أبو حنيفةَ: إذا وَلَدَتْ فى يَدِ الزَّوْجِ، ثم طَلَّقها قبلَ الدُّخولِ، رَجَعَ فى نصفِ الأوْلادِ أيضًا؛ لأنَّ الولدَ دَخَلَ فى التَّسْليمِ المُسْتَحَقِّ بالعَقْدِ؛ لأنَّ حَقَّ التَّسْليمِ تَعَلقَ بالأُمِّ، فسَرَى إلى الولدِ، كحَقِّ الاسْتِيلادِ، وما دَخَلَ فى التَّسْليمِ المُسْتَحَقِّ يتَنَصَّفُ بالطلاقِ، كالذى دَخَلَ فى العَقْدِ. ولَنا، قولُ اللَّهِ تعالى: {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ}. وما فُرِضَ ههُنا إلَّا الأُمَّهات، فلا يتَنَصَّفُ سِوَاها، ولأنَّ الولدَ حَدَثَ فى مِلْكِها، فأشْبَهَ ما حَدَثَ فى يدِها، ولا يُشْبِهُ حَقُّ التَّسْليمِ حَقَّ الاسْتِيلادِ، فإن حَقَّ (٤) الاستيلادِ يَسْرِى، وحَقَّ التَّسْليمِ لا سِرَايةَ له، فإن تَلِفَ فى يدِ الزَّوجِ، وكانت المرأةُ قد طالَبَتْ به فمَنَعَها، ضَمِنَه كالغاصبِ، وإلَّا لم يَضْمَنْه؛ لأنَّه تَبَعٌ لأُمِّه.

فصل: والحكمُ فى الصَّداقِ إذا كان جارِيةً، كالحكمِ فى الغَنَمِ، فإذا وَلَدَتْ كان الولدُ لها، كوَلدِ الغنَمِ، إلَّا أنَّه ليس له الرجوعُ فى نِصْفِ الأصلِ؛ لأنَّه يُفْضِى إلى التَّفْرِيقِ بين الأُمِّ وولدِها فى بعض الزَّمانِ، وكما لا يجوزُ التَّفْريقُ بينَها وبينَ ولدِها فى جميعِ الزَّمانِ، لا يجوزُ فى بعضِه، فيَرْجِعُ أيضًا فى نصفِ (٥) قِيمَتِها وَقْتَ ما أصْدَقَها لا غيرُ.

فصل: وإن كان الصَّداقُ بَهِيمةً حائِلًا، فحَمَلَتْ، فالحملُ فيها زِيَادةٌ مُتَّصِلَةٌ، إن بَذَلَتْها له بزيادَتِها، لَزِمَه قَبُولُها، وليس ذلك مَعْدُودًا نَقْصًا، ولذلك لا يُرَدُّ به المبِيعُ، وإن كانَ أمَةً، فحَمَلَتْ، فقد زادتْ من وَجْهٍ لأجلِ ولدِها، ونَقَصَتْ من وَجْهٍ؛ لأنَّ الحَمْلَ


(٤) سقط من: أ، م.
(٥) سقط من: ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>