للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحدةً، اسْتَحَقَّ العِوَضَ، فإن تَزوَّجَ بها بعدَ ذلك، ولم يُطلِّقْها، رَجَعَتْ عليه بالعِوَض؛ لأنَّها بذَلتِ العِوَضَ فى مُقابلةِ ثَلَاثٍ، فإذا لم يُوقِعِ الثَّلاثَ، لم يَستَحِقَّ العِوَضَ، كما لو كانت ذاتَ طَلقاتٍ (٨) ثلاثٍ، فقالت: طلِّقْنى ثلاثًا. فلم يُطَلِّقْها إِلَّا واحدةً، ومُقْتضَى هذا، أنَّه إذا لم (٩) يَنْكِحْها نِكاحًا آخرَ، أنَّها تَرجِعُ عليه بالعِوَضِ، وإنَّما يَفُوتُ نكاحُه إيَّاها بمَوْتِ أحدِهما. وإن نَكَحَها نِكاحًا آخَرَ وطلَّقَها اثْنتَيْن، لم تَرجِعْ عليه بشىءٍ، وإن لم يُطَلِّقْها إلَّا واحدةً، رَجَعتْ عليه بالعِوَض كلِّه. قال القاضى: الصحيحُ فى المذهب أن هذا لا يصِحُّ فى الطلْقتَيْن الأَخِرَتَيْنِ؛ لأنَّه سَلَفٌ فى طلاقٍ، ولا يَصِحُّ السَّلَمُ فى الطَّلاقِ، ولأنَّه (١٠) مُعَاوَضةٌ على الطَّلاقِ قبلَ النِّكاحِ، والطَّلاقُ قبلَ النِّكاحِ لا يصحُّ، فالمُعَاوضةُ عليه أوْلَى، فإذا بطَلَ فيهما، انْبَنَى ذلك على تَفْريقِ الصَّفْقةِ، فإن قُلْنا: تُفرَّقُ. فله ثُلُثُ الألفِ، وإن قُلْنا: لا تُفرَّق. فسَدَ العِوَضُ فى الجميعِ، ويَرْجِعُ بالمُسمَّى فى عَقْدِ النِّكاحِ.

فصل: وإن قالت: طَلِّقْنِى واحدةً بألفٍ. فطلَّقَها ثلاثًا. اسْتحَقَّ الألْفَ. وقال محمدُ بنُ الحسنِ: قياسُ قولِ أبى حنيفةَ أنَّه لا يَسْتحِقُّ شيئًا؛ لأنَّ الثَّلاثَ مُخالِفةٌ للواحدةِ؛ لأنَّ تَحْريمَها لا يَرْتفِعُ إلَّا بزَوْجٍ وإصابةٍ، وقد لا تُريدُ ذلك، ولا تَبْذُلُ العِوَضَ فيه، فلم يَكُنْ ذلك إيقاعًا لما اسْتَدْعَتْه، بل هو إيقاعٌ مُبتَدأٌ، فلم يَستَحِقَّ به عِوَضًا. ولَنا، أنَّه أوقعَ ما اسْتَدْعتْه وزيادةً؛ لأنَّ الثَّلاثَ واحدةٌ واثْنَتانِ. وكذلك لو قال: طَلِّقِى نفسَك ثلاثًا. فطلَّقَتْ نفسَها واحدةً، وقع، فيَسْتَحِقُّ العِوَضَ بالواحدةِ، وما حَصَلَ من الزِّيادةِ التى لم تَبذُلِ العِوَضَ فيها لا يَستحِقُّ بها شيئًا. فإن قال لها: أنتِ طالقٌ بألفٍ، وطالقٌ، وطالقٌ. وقعتِ الأُولى بائنةً، ولم تقَعِ الثانيةُ، ولا الثالثةُ؛ لأنَّهما جاءا بعدَ بَيْنُونَتِها. وهذا مذهبُ الشَّافعىِّ. وإن قال لها: أنتِ طالقٌ وطالقٌ وطالقٌ بألفٍ. وقعَ


(٨) فى الأصل: "طلاق".
(٩) سقط من: ب، م.
(١٠) سقطت الواو من: أ، ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>