للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّه يُمْكِنُ أحَدُهما دون الآخَرِ، فلم يَتَضَمَّن الإِذْنُ في أحَدِهِما الإِذْنَ في الآخَرِ.

فصل: وإن وَكَّلَهُ في شِرَاءِ شَىءٍ، مَلَكَ تَسْلِيمَ ثَمَنِه؛ لأنَّه مِن تَتِمَّتِه وحُقُوقِه، فهو كتَسْلِيمِ المَبِيعِ في البَيْعِ. والحُكْمُ في قَبْضِ المَبِيعِ كالحُكْمِ في قَبْضِ الثمَنِ في المَبِيعِ، على ما مَضَى من القولِ فيه. فإن اشْتَرَى عَبْدًا، ونَقَدَ ثَمَنَهُ، فخَرَجَ العَبْدُ مُسْتَحقًّا؛ فهل يَمْلِكُ أن يُخَاصِمَ البائِعَ في الثَّمَنِ؟ على وَجْهَيْنِ. فإن اشْتَرَى شيئا، وقَبَضَهُ، وأخَّرَ تَسْلِيمَ الثَّمَنِ لغير عُذْرٍ، فهَلَكَ في يَدِه، فهو ضامِنٌ له. وإن كان له عُذْرٌ، مثل أن ذَهَبَ لِيَنْقُدَهُ فهَلَكَ، أو نحو ذلك، فلا ضَمَانَ عليه. نَصَّ عليه أحمدُ؛ لأنَّه مُفَرِّطٌ في إمْساكِه (١٩) في الصُّورَةِ الأُولَى دون الثانِيةِ، فلذلك لَزِمَهُ الضَّمَانُ، بِخِلَافِ ما إذا لم يُفَرِّطْ.

فصل: وإذا وَكَّلَهُ في قَبْضِ دَيْنٍ من رَجُلٍ، فماتَ، نَظَرْتَ في لَفْظِه؛ فإن قال: اقْبِضْ حَقِّى من فُلَانٍ. لم يكُنْ له قَبْضُه من وارِثِه؛ لأنَّه لم يُؤْمَرْ بذلك. وإن قال: اقْبِضْ حَقِّى الذي قِبَلَ فُلَانٍ. أو على فُلَانٍ. فله مُطَالَبَةُ وارِثِه والقَبْضُ؛ لأنَّ قَبْضَهُ من الوارِثِ قَبْضٌ لِلْحَقِّ الذي على مَوْرُوثِه. فإن قيل: فلو قال: اقْبِضْ حَقِّى من زَيْدٍ. فوَكَّلَ زَيْدٌ إنْسانًا في الدَّفعِ إليه، كان له القَبْضُ منه، والوارِثُ نائِبُ المَوْرُوثِ، فهو كوَكِيلِه. قُلْنا: إن (٢٠) الوَكِيلَ إذا دَفَعَ عنه بإِذْنِه، جَرَى مَجْرَى تَسْلِيمِه؛ لأنَّه أقَامَهُ مُقَامَ نَفْسِه، وليس كذلك ههنا، فإنَّ الحَقَّ انْتَقَلَ إلى الوَرَثَةِ فاسْتحقَّت المُطَالَبَةُ عليهم، لا بِطَرِيقِ النِّيابَةِ عن المَوْرُوثِ، ولهذا لو حَلَفَ لا يَفْعَلُ شيئًا، حَنِثَ بِفِعْلِ وَكِيلِه له، ولا يَحْنَثُ بِفِعْلِ وارِثِه.

٨٤٢ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا بَاعَ الْوَكِيلُ، ثُمَّ ادَّعَى تَلَفَ الثَّمَنِ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. فَإنِ اتُّهِمَ، حَلَفَ)

إذا اخْتَلَفَ الوَكِيلُ والمُوَكِّلُ، لم يَخْلُ من سِتَّةِ أحْوالٍ:


(١٩) في م زيادة: "كما".
(٢٠) سقط من: الأصل، أ، ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>