للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٣٨ - مسألة؛ قال: (وإذَا صَلَّى البَصِيرُ في حَضَرٍ، فَأَخْطَأَ، أَو الأَعْمَى بِلَا دَلِيلٍ، أَعَادَا)

أمَّا البَصِيرُ إذا صلَّى إلى غيرِ الكعبةِ في الحَضَرِ، ثم بانَ له الخَطأُ، فعليهِ الإِعادَةُ، سواءٌ (١) صَلَّى بِدَلِيلٍ أو غيرِه؛ لأنَّ الحَضَرَ ليس بمَحَلِّ الاجْتهادِ، لأنَّ مَنْ فيه يَقْدِرُ على المحارِيبِ والقِبَلِ المَنصُوبَة، ويَجِدُ مَن يُخْبِره عن يَقِينٍ غالِبًا، فلا يكونُ له الاجتهادُ، كالقادر على النَّصِّ في سائِرِ الأحْكامِ، فإنْ صلَّى مِن غيرِ دليلٍ فأخطأَ، لَزِمَتْهُ الإِعادَةُ؛ لِتَفْرِيطِهِ. وإنْ أَخْبَرَه مُخْبِرٌ، فأخْطأَ (٢)، فقد غَرَّهُ، وتبَيَّنَ أنَّ خَبَرَه ليس بِدليلٍ. فإن كان محبُوسًا، لا يجِدُ مَن يُخْبِرهُ، فقال أبو الحسنِ التَّمِيمِىُّ: هو كالمسافِرِ، يتحَرَّى في مَحْبَسِه، ويُصَلِّى، مِن غيرِ إعَادَةٍ؛ لأنَّه عَاجِزٌ عن الاسْتِدْلَالِ بالخَبَرِ والمحارِيبِ، فهو كالمُسافِرِ. وأمَّا الأعْمَى، فإنْ كان في حَضَرٍ، فهو كالبصيرِ؛ لأنَّه يَقْدِرُ على الاسْتِدْلَالِ بالخَبَرِ والمحارِيبِ، فإِنَّ الأعَمْىَ إذا لَمَسَ المحْرَابَ، وعَلِمَ أنَّه مِحْرَابٌ، وأَنه مُتَوَجِّهٌ إليه، فهو كالبَصِيرِ. وكذلكَ إذا عَلِمَ أنَّ بابَ المسجدِ إلى الشمالِ أو غيرِها مِن الجهاتِ، جازَ له الاسْتِدْلَالُ به، ومتى أخطأ فعليهِ الإِعادَةُ. وحُكمُ المُقَلِّدِ حُكْمُ الأعْمَى في هذا. وإنْ كان الأعْمَى، أو المُقَلِّدُ مُسافِرًا، ولم يَجِدْ مَن يُخْبرُه، ولا مُجْتَهِدًا يُقَلِّدُهُ، فَظَاهِرُ كلامِ الْخِرَقِىِّ، أنَّه يُعِيدُ، سواءٌ أصابَ أو أخْطأ؛ لأنَّه صلَّى مِن غيرِ دليلٍ، فلَزِمَتْهُ الإِعادَةُ وإن أصابَ، كالمُجْتهِدِ (٣) إذا صلَّى مِن غيرِ اجتهادٍ. وقال أبو بكر: يُصَلِّى على حَسَبِ حالِه، وفى الإِعادةِ روايتان، سواءٌ أصابَ أو أخطأ: إحْدَاهُمَا، يُعِيدُ؛ لِمَا ذكَرْنَا. والثَّانِيَةُ، لا إعادَةَ عليه؛ لأنَّه أتَى بما أُمِرَ، فأشْبَهَ المُجْتَهِدَ ولأنَّه عاجِزٌ عن غيرِ ما أتَى به، فَسَقَطَ عنه، كَسَائِرِ العاجِزِين عن الاسْتِقْبَالِ، ولأنَّه عَادِمٌ لِلدَّلِيلِ، فأشْبَهَ المُجْتَهِدَ، في الغَيْمِ


(١) في م زيادة: "إذا".
(٢) في م: "فأخطأه".
(٣) في م: "كان المجتهد".

<<  <  ج: ص:  >  >>