للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثَّانِى، أن يَكُونُوا أرْبَعِينَ. والثَّالِث، الذُّكُورِيَّةُ. والرَّابِع، البُلُوغُ. والخَامِس، العَقْلُ. والسَّادِسُ، الإِسْلامُ. والسَّابِع، الاسْتِيطانُ. وهذا قولُ أكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ، فأمَّا القَرْيَةُ فيُعْتَبَرُ أنْ تَكُونَ مَبْنِيَّةً بما جَرَتِ العادَةُ بِبِنَائِها به، مِن حَجَرٍ أو طِينٍ أو لَبِنٍ أو قَصبٍ أو شَجَرٍ ونَحْوِه، فأمَّا أَهْلُ الخِيَامِ وبُيُوتِ الشَّعَر والخَرْكاآت (١) فلا جُمُعَةَ عليهم، ولا تَصِحُّ منهم؛ لأنَّ ذلك لا يُنْصَبُ للاسْتِيطانِ غَالِبًا، وكذلك كانت قَبَائِلُ العَرَبِ حَوْلَ المَدِينَةِ، فلم يُقِيمُوا جُمُعَةً، ولا أمَرَهُم بها النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولو كان ذلك لم يَخْفَ، ولم يُتْرَكْ نَقْلُه، مع كَثْرَتِه وعُمُوم البَلْوَى به، لكن إنْ كانوا مُقِيمِينَ بِمَوْضِعٍ يَسْمَعُونَ النِّداءَ، لَزِمَهُم السَّعْىُ إليها، كأهْلِ القَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ إلى جانِبِ المِصْرِ. ذَكَره القاضي. ويُشْتَرَطُ في القَرْيَةِ أيضًا أن تكونَ مُجْتَمِعَةَ البِناءِ بما جَرَتِ العادَةُ في القَرْيَةِ الواحِدَةِ، فإن كانت مُتَفَرِّقَةَ المنازِلِ تَفَرُّقًا لم تَجْرِ العادَةُ به، لم تَجِبْ عليهم الجُمُعَةُ، إلَّا أن يَجْتَمِعَ منها ما يَسْكُنُه أرْبَعُونَ، فَتَجِبُ الجُمُعَةُ بهم، ويَتْبَعُهُم الباقُونَ، ولا يُشْتَرَطُ اتِّصَالُ البُنْيانِ بَعْضِه بِبَعْضٍ، وحُكِىَ عن الشَّافِعِىِّ أنَّه شَرْطٌ، ولا يَصِحُّ؛ لأنَّ القَرْيَةَ (٢) المُتَقَارِبَةَ البُنْيانِ قَرْيَةٌ مَبْنِيَّةٌ على ما جَرَتْ به عَادَةُ القُرَى، فأشْبَهَتِ المُتَّصِلَةَ؛ ومتى كانت القَرْيَةُ لا تَجِبُ الجُمُعَةُ على أهْلِها بأَنْفُسِهِمْ، وكانوا بِحَيْثُ يَسْمَعُونَ النِّدَاءَ من مِصْرٍ (٣)، أو من قَرْيَةٍ تُقامُ فيها الجُمُعَةُ، لَزِمَهُم السَّعْىُ إليها؛ لِعُمُومِ الآيةِ.

فصل: فأما الإِسْلامُ والعَقْلُ والذُّكُورِيَّةُ، فلا خِلافَ في اشْتِرَاطِها، لِوُجُوبِ الجُمُعَةِ وانْعِقَادِها؛ لأنَّ الإِسْلامَ والعَقْلَ شَرْطانِ لِلتَّكْلِيفِ وصِحَّةِ العِبادَةِ


(١) في أ، م: "والحركات". والخركاة معربة عن الفارسية، وكانت تطلق في أول الأمر على المحل الواسع، وبالأخص على الخيمة الكبيرة التي يتخذها أمراء الأكراد والأعراب والتركمان مسكنا لهم، ثم أطلقت على سرادق الملوك والوزراء. الأسماء الفارسية المعربة ٥٣، ٥٤.
(٢) سقط من: الأصل.
(٣) في أ، م: "المصر".

<<  <  ج: ص:  >  >>