للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزَّكَاةِ، فجازَ أخْذُ أحَدِهما عن الآخَرِ، كالنَّوْعِ الوَاحِدِ. وقال بعضُ أصْحَابِ الشَّافِعِىِّ: لا يجوزُ له أخْذُهُ؛ لِلْمَعْنَى الذى مَنَعَ لُزُومَ أخْذِه. وقال إبراهيمُ: لا تَأْخُذْ فَوقَ سَلَمِكَ فى كَيْلٍ ولا صِفَةٍ. ولَنا، أنَّهما تَرَاضَيَا على دَفْعِ المُسْلَمِ فيه من جنْسِه، فجَازَ، كما لو تَرَاضَيَا على دَفْعِ الرَّدِىءِ مَكانَ الجَيِّدِ، أو الجَيِّدِ مكان الرَّدِىءِ، وبهذا يَنْتَقِضُ ما ذَكَرُوهُ؛ فإنه لا يَلْزَمُ أَخْذُ الرَّدِىءِ، ويجُوزُ أخْذُه. ولأنَّ المُسْلِمَ أسْقَطَ حَقَّهُ من النَّوْعِ، فلم يَبْقَ بَيْنَهما (٧) إلَّا صِفَةُ الجَودَةِ، وقد سَمَحَ بها صَاحِبُها.

فصل: إذا جَاءَهُ بالأَجْوَدِ، فقال: خُذْهُ، وَزِدْنِى دِرْهَمًا. لم يَصِحَّ. وقال أبو حنيفةَ: يَصِحُّ، كما لو أسْلَمَ فى عَشرَةٍ فجَاءَهُ بأحَدَ عَشَرَ. ولَنا، أنَّ الجَوْدَةَ صِفَةٌ، فلا يجوزُ إفْرَادُها بالعَقْدِ، كما لو كان مَكِيلًا أو مَوْزُونًا، فإن جَاءَهُ بِزِيَادَةٍ فى القَدْرِ، فقال: خُذْهُ، وَزِدْنِى دِرْهَمًا. ففَعَلَا، صَحَّ؛ لأنَّ الزِّيادَةَ هاهُنا يجوزُ إفْرَادُها بالعَقْدِ.

فصل: وليس له إلَّا أقَلُّ ما تَقَعُ عليه الصِّفَةُ؛ لأنَّه إذا أَسْلَمَ إليه ذلك، فقد سَلَّمَ إليه ما تَنَاوَلَهُ العَقْدُ، فبَرِئَتْ ذِمَّتُه منه. وعليه أن يُسْلِمَ إليه الحِنْطَةَ نَقِيَّةً من التِّبْنِ والقَصْلِ والشَّعِيرِ ونحوِه، مما لا يَتَنَاوَلُه اسْمُ الحِنْطَةِ. وإن كان فيه تُرَابٌ كَثِيرٌ يَأْخُذُ مَوْضِعًا من المِكْيَالِ، لم يَجُزْ. وإن كان يَسِيرًا لا يُؤَثِّرُ فى المِكْيَالِ ولا يَعِيبُها، لَزِمَهُ أخْذُه. ولا يَلْزَمُه أخْذُ التَّمْرِ إلَّا جَافًّا. ولا يَلْزَمُ أن يَتَنَاهَى جَفَافُه؛ لأنَّه يَقَعُ عليه الاسْمُ. ولا يَلْزَمُه أن يَقْبَلَ مَعِيبًا بحالٍ، ومتى قبَضَ المُسْلَمَ فيه فوَجَدَهُ مَعِيبًا، فله المُطَالَبَةُ بالبَدَلِ أو الأَرْشِ، كالمَبِيعِ سَوَاءً.

فصل: ولا يَقْبِضُ المَكِيلَ إلا بالكَيْلِ، ولا المَوْزُونَ [إلَّا بالوَزْنِ] (٨)،


(٧) فى أ: "فيهما".
(٨) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>