للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن وَجَدْتُموها فيه، فقد كَذبَ على اللهِ وعلى رسولِه، وإن لم تَجِدُوها فيه (٣٣) فقد صَدَقَ. فأيُّ الفَرِيقَيْنِ أحَقُّ بالاتِّباعِ، وأوْلَى بِالصَّوَابِ، الذين معهم كِتابُ اللهِ وسُنَّةُ رَسُولِه، أم الذين خَالَفُوهما؟ ثم قد ثَبَتَتْ (٣٤) عن النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، الذى قولُه حُجَّةٌ على الخَلْقِ أجْمَعِينَ، فكيف يُعارَضُ بِقَوْلِ غيرِه؟ قال سَعِيدُ بن جُبَيْرٍ، عن ابنِ عَبَّاسٍ، قال: تَمَتَّعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقال عُرْوَةُ: نَهَى أبو بكرٍ وعمرُ عن المُتْعَةِ. فقال ابنُ عَبَّاسٍ: أرَاهُم سيَهْلَكون، أقولُ: قال النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ويَقُولون: نَهَى عنها أبو بكرٍ وعمرُ. وسُئِلَ ابنُ عمرَ عن مُتْعَةِ الحَجِّ، فأمَرَ بها، فقال (٣٥): إنَّك تُخَالِفُ أبَاكَ، فقال: عمرُ لم يَقُل الذى يقولون. فلما أكْثَرُوا عليه، قال: أفكِتابُ اللهِ أحَقُّ أن تَتَّبِعُوا أم عمر! . رَوَى الأثْرمُ هذا كُلَّه.

فصل: فمَن أرَادَ الإحْرامَ بِعُمْرَةٍ، اسْتُحِبَّ (٣٦) أن يقولَ: اللَّهُمَّ إنِّي أُريِدُ العُمْرَةَ فيَسِّرْهَا لى، وتَقَبَّلْهَا (٣٧) مِنِّي، ومَحِلِّي حَيْثُ تَحْبِسُنِي. فإنَّه يُسْتَحَبُّ لِلْإِنْسانِ النُّطْقُ بما أحْرَمَ به، لِيَزُولَ الالْتِبَاسُ، فإن لم يَنْطِقْ بِشىءٍ، واقْتَصَرَ على مُجَرَّدِ النِّيَّةِ، كَفَاهُ، في قَوْلِ إمَامِنَا، ومَالِكٍ، والشَّافِعِيِّ، وقال أبو حنيفةَ: لا يَنْعَقِدُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، حتى تَنْضافَ إليها التَّلْبِيَةُ، أو سَوْقُ الهَدْىِ؛ لما رَوَى خَلَّادُ ابن السَّائِبِ الأنْصَارِيُّ، عن أبِيهِ، عن رسولِ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قال: "جَاءَنِي جِبْرِيلُ، فَقَالَ: يا مُحَمَّدُ، مُرْ أصْحَابَكَ أن يَرْفَعُوا أصْوَاتَهُمْ بالتَّلْبِيَةِ". رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وقال التِّرْمِذِيُّ (٣٨): هو حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. ولأنَّها عِبادَةٌ ذاتُ تَحْرِيمٍ


(٣٣) سقط من: أ، ب، م.
(٣٤) في أ، ب، م: "ثبت".
(٣٥) أي السائل.
(٣٦) في م: "فالمستحب".
(٣٧) في الأصل، أ: "وتقبل".
(٣٨) أخرجه النسائي، في: باب رفع الصوت بالإهلال، من كتاب المناسك. المجتبى ٥/ ١٢٥، ١٢٦. والترمذي، في: باب ما جاء في رفع الصوت بالتلبية، من أبواب الحج. عارضة الأحوذي ٤/ ٤٧.كما أخرجه=

<<  <  ج: ص:  >  >>